ضياء المحسن
يواجه رئيس الوزراء الحالي تحديات كثيرة ومعقدة، منها ما يتعلق بالواقع الإقتصادي المتردي بسبب ريعية الإقتصاد وإعتماده على الإيرادات من تصدير النفط، مع عدم قدرة الدولة على الإستفادة من الفوائض، بسبب المبالغة في التوظيف الحكومي بدون جدوى إقتصادية منه، ومنها إعادة الهيبة الى مؤسسات الدولة (المدنية والعسكرية).
الهيبة التي نتحدث عنها ليست لها علاقة بمظهر المسؤول، بقدر ما يتعلق الأمر بإلتزام جميع المواطنين بالقوانين المرعية، وهذا جزء من الهيبة التي نتحدث عنها.
فالمؤسسة العسكرية لم تعد تلك التي نعرفها، بسبب تصرفات بعض الضباط مع جنودهم، وهو ما شخصته حكومة رئيس الوزراء السابق؛ فيما أُطلق عليه ب (الفضائيين) الذين يمنحون الجزء الأكبر من رواتبهم الى الضابط المسؤول عنهم، مقابل التغاضي عن إلتزامهم بالدوام الرسمي، وهو الأمر الذي تسبب فيما بعد بكارثة سقوط الموصل ومدن أخرى كثيرة في أيدي تنظيم داعش الإرهابي.
والهيبة سقطت عندما أخذ المسؤول وحاشيته بالتجاوز على إشارة المرور والسير بالإتجاه المعاكس، وكأن القانون إنما شُرِع ليُطبق على غيره؛ فهو فوق القانون!
والهيبة سقطت عندما أخذ المواطن يتجاوز على المعلم، لأن ابنه المدلل (وحتى غير المدلل) رسب في صفه، ومع أنه لا يعرف يكتب حتى اسمه، لكنه يجب أن ينجح ولا يحق للمعلم أن يعطيه درجة متدنية تجعله يعيد السنة الدراسية.
والهيبة سقطت عندما أخذ المواطن يقترض مبلغ من المال ليدفعه رشوة لهذا الموظف أو ذاك في الدوائر الخدمية (الضريبة والعقار وكثير من دوائر الدولة)، في وقت أن الحديث الشريف يتحدث عن اللعنة لمن يدفع الرشوة ومن يستلمها ومن يسعى بينهما.
والهيبة سقطت عندما أخذنا نسمع كلام المسؤول وهو يتحدث عن قضية، تخالف ما تصرح به الحكومة، فلم نعد نعرف أين هو الموقف الصحيح من هذه القضية او تلك، وبذلك تاهت المعايير الحقيقية لوجود بلد اسمه (العراق).
كل هذا وغيره كثير من التحديات التي تواجه السيد عادل عبد المهدي، وهو قادر على أن يعيد الهيبة لمؤسسات الدولة العراقية، فيما لو تمكن مجلس النواب من ممارسة دوره الحقيقي في رقابة عمل الحكومي من خلال برنامجها الحكومي الذي تلاه رئيس الوزراء ووافق عليه مجلس النواب، وستكون هذه خطوة أولى في إعادة الهيبة للعراق.
أما الخطوة الثانية التي نجد انها ضرورية جدا فتتمثل بأن يُترك للسيد رئيس الوزراء حرية إختيار وزرائه، ليكون هو مسؤولا عن أداء هؤلاء الوزراء أمام مجلس النواب في حال أخفق أيا منهم، لكن والحال كما نراه الأن فلا يمكن أن نضع اللوم على السيد عبد المهدي، لأننا ومن خلال التجربة نعلم يقينا أن الوزير ياتمر بأمر الكتلة التي جاءت به على رأس هذه الوزارة او تلك بغض النظر عن قدرته على إدارة هذه الوزارة أم لا.
السادة أعضاء مجلس النواب المحترمون، إن في إعادة الهيبة للدولة العراقية هيبة لكم انتم بإعتباركم ممثلين لها في المحافل الدولية، وليس كما رأيناه سابقا من قبل بعض النواب الذين كانوا يرتمون في أحضان هذا البلد أو ذاك.
https://telegram.me/buratha