كاظم الخطيب
جبل الله- سبحانه- النفس البشرية على السجايا الحميدة، وألهمها الخلق الحسن، وحسن المعاشرة، وغرس فيها نزعة السعي لبلوغ الكمال، ووعد جميع خلقه جنة عرضها السموات والأرض ، إلا من أبى.. وأنذرهم ناراً حامية نزاعة للشوى- تكوي الجباه والأطراف- ناراً تلظى ذات لهب، عليها ملائكة غلاظ، خلقوا من غضب، لا يعصون الله ما أمرهم، لا يَرحَمون، ولا يَسأمون، ولا يَقبلون الرشا، ووعد الله سبحانه جميع خلقه بأن يجنبهم دخولها إلا من رغب. .
جنة الدنيا هي بيئة السلام، والمشاركة، والتعايش السلمي، والتكامل الفكري، والثقافي، والعلمي والإجتماعي، والمجتمعي.. وجحيم الدنيا هي بيئة الكراهية، والتهديد، والتنافس اللامشروع، ورفض الآخر، والفساد، والإحتيال على الدنيا وأهلها؛ بشتى الذرائع والحجج، والتوسل بجميع الوسائل لبلوغ غايات شخصية، حتى وإن كانت على حساب الآخرين.
لم يترك الله سبحانه( حاشاه) عباده دون أن يحدد لهم طرق الخلاص، وأن يمهد لهم سبل النجاة، وأن يتكفل بهدايتهم إلى صراط مستقيم لاعوج فيه ولا أمت، وكفل لهم إلقاء الحجج، وإيضاح النُهج، وبيان الدلائل والآيات والبراهين، من خلال إرسال الرسل والنبيين، والأئمة الهادين المهديين، وعباده الصالحين من المراجع الكرام المرشدين.
النصح والإرشاد، مهمة نبيلة وغاية سامية وتكليف مُشَرِف، خص الله بها- سبحانه- خاصة أوليائه، ودعاهم لأن ينفر من كل فرقة طائفة؛ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.
أوجب ذلك على الأمة أن تتخذ من الفقهاء مرجعاَ لها في كل أمر يتطلب الحذر، ويوجب التصرف بروية وحكمة، لذا عندما دعت المرجعية العليا في النجف الأشرف، المتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني؛ إلى نبذ العنف بكل أشكاله، وأكدت على عنف الظاهرة، الذي يمارسه خلق كثير، والذي يفضي بدوره إلى فساد كبير، كان لابد للأمة- بعامها وخاصها- أن تعي خطورة العنف، وجسامة النتائج المترتبة عليه، وخصوصاً العنف السياسي، الذي يؤدي إلى نتائج كارثية، قد تودي بالبلاد إلى هاوية من الفتن ليس لها من قرار.
في بلد من المفروض إنه يمارس الديمقراطية، وإنه تحت مظلة دستور، وسلطة تشريعية عليا منتخبة من جميع أطياف وألوان وأعراق الشعب؛ من المعيب والمخجل حقاً، أن ينتهج الطيف السياسي في هذا البلد، نهجاً مغايراً للنهج الديمقراطي، مما يشير إلى جهل واضح، وسلوك سياسي فاضح؛ ينذر بإنعطافة خطيرة في مسار العملية السياسية- المتعثرة أصلاً- والذهاب بالبلاد إلى المجهول.
نِعَمٌ كثيرة وخيرات وفيرة، أهدرها ساسة العراق، وحرموا منها شعبهم الذي خولهم أمره، وإن من أشرف هذه النعم؛ هي نعمة وجود الناصح الأمين للأمة، والدال على واضح الطريق في العتمة، والمرجو للخلاص من كل غمة.
نعمة الأبوة للجميع، والدعوة إلى الفضائل، وإلى وحدة الصف، ونبذ العنف، وبيان الحقائق، والقيام على الفاسدين، وحفظ كرامة العراق والعراقيين؛ إنما هي نعمة يجب أن تصان من الجميع.
الى ساسة العراق ومثقفيه، وحكوماته ومواطنيه، أقولها للتأريخ" إياكم إياكم والتفريط بنعمة صمام أمانكم، وصائن عرضكم وحافظ دمائكم، فوالله إن أنتم تبعتموه نجوتم، وإن أنتم خالفتموه هلكتم، وفي أيامكم شواهد على ذلك كثير".
https://telegram.me/buratha