محمد كاظم خضير
أنّ الشباب العراقي يمثل عمود العراق الفقري ، وقلبه النابض ، ويد العراق القوية التي تبني وتحمي ، ومخزون الطاقة المتدّفقة الممتلئة حيويةً ونشاطاً ، وهمزة الوصل التي تربط بين الحاضر والمستقبل ، ولهذا وجب الإهتمام والعناية بهم وتربيتهم وإعدادهم قادةً للمستقبل . ويُعتبر الشباب العراقي شعلةً للهرم المجتمعي ، ووقوداً لحركة التغيير ، لما يتمتعون به من حماس شديد ، وذكاء مُتقّد ، وحب للإطلاع على كل جديد ، والتمرّد على التبعية والتقاليد . ونظراً لما يشهده العصر الحالي من تغيّرات متسارعة في كل المجالات ، كالثورة المعلوماتية الهائلة ، والتطورات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ، وكذلك القفزات في نظم الإتصالات وفضائيات الإعلام ، وغير ذلك من مظاهر التغيّر في عصرنا الحالي ، مما يجعل حياتنا مرنةً وغير مستقرّة وقابلةً للتطوير والتجديد والتحديث في كل الأُطر . حيث يجب أن يكون الشباب العراقي والعربي على حدِ سواء شبابا واعداً مُنتجاً ، يعرف كيف يتعامل مع التكنولوجيا ووسائلها الحديثة ، وينتصر على ثقافة الإستهلاك التي تحد من مفهوم الإبداع والإبتكار لدى الشباب .وحينما نقترب أكثرمن الشباب العراقي نجد الحزن قد سكن أعماقه ، والبسمة فارقت محيّاه ، فحرّيته أصبحت مقيّدة ، وأحلامه وطموحاته وآماله أبتلعتها الحروب المستمرة ، فصادرت إبداعاته وأحرقت أفكاره وشتّتت وآرائه ، ودفنت مواهبه.الشباب العراقي قصةٌ مؤسفة ، ودراما محزنة ، وتراجيديا منسية ، فبعد أن كانوا وقوداً وشعلةً للتغيير صاروا ضحاياه ، فلا مؤسسات تؤيهم ، ولا منظمات تحويهم ، ولا أعمال تُشغلهم ، يعيشون في واقع يرفضهم ويتجنّى عليهم بظروفه المؤلمة القاسية .
كم هو غزلنا بروح الشباب العراقي .. وكم نهتف بالقوة والعزيمة والإصرار التي يمتلكها شبابنا كل يوم؛ فهم عماد الحاضر وجيل المستقبل، وهم ركيزة الرقي والازدهار وعجلة التنمية.
كم من كتابات تتحدث عن الشباب العراقي، وعما يعول عليهم به؛ فهم عمود الحياة الذي لايمكن للحياة أن تستقيم إلا به؛ لكن في الحقيقة: هل وجدنا من ينعي الشباب العراق ، ومن افتقدهم، خصوصاً في الآونة الأخيرة؟؟
هل أحسسنا في ذواتنا، أو نظرنا إلى الواقع بعين الاعتبار؛ فالشباب الذي كان يعول عليه بحمل أثقال هذه الشعب قد أصبح اليوم وقوداً للحرب منذ عهد المقبور حتى الآن !
كم قد أكلت الحروب من شبابنا وكم قد حطبت من أرواحهم البريئة، هل لنا أن نرثي الشباب اليوم بعد أن كادت مجتمعاتنا أن تخلو منهم إلا من رحم الله، على ماذا سنعتمد اليوم والشاب القوي مفتول العضلات صاحب الرأي السديد قد أصبح اليوم ضحية حرب أشعلها عدو له ولنا.
على ماذا سنعتمد وقد أصبح صاحب الحلم الكبير ضحية تحت التراب، لم نعد نمتلك منهم سوى بعض صور نعلقها في الجدران وبعض وصايامنهم إلى الأهل بأن لا تحزنوا وافرحوا لاستشهادنا وبعضا من الملابس التي تحمل روائحهم الزكية.
نعم.. شباب يعول عليهم كثيراً، ولكنهم تحت التراب، أيعقل أن التراب جشعة إلى هذه الدرجة التي لم تبق لنا في حياتنا شيئا من شبابنا، إلابعضا من الجرحى والسالمين الذين هم قيد الانتظار لموعدهم أم أنها تحملهم في جوفها خوفاً عليهم؛ تحس أنها بهم أرحم بهم من بني البشر.
هل يرى أعداؤنا في شبابنا غير مانرى فيهم نحن.. نرى العزيمة والإصرار.. نرى الهمة والحنكة والغيرة على العرض والدين؛ لا نرى فيهم سوى الجمال الأخاذ.
هل يرون غير هذا، أم أن هذا يغيضهم ويهدد سلامتهم، فقاموا بحطبهم وقذفهم إلى الهاوية؟؟
قليلة جدا هي الأسر التي لم تفقد بعضا من شبابها في هذه الحرب وكثيرة هي الأسر التي فقدت أغلب شبابها أو كلهم، وكثيرة هي الأسر التي أصبحت جريحة متعبة إلى جانب جرحاها من الشباب!
وأنا هنا أتسائل أين الشباب العراقي ، أين تلك الروح المفعمة بالنضج والأمل والتفاؤل والحلم والطموح ، أين أمل الأمة وباني نهضتها ، وصانع مستقبلها ؟
https://telegram.me/buratha
