المقالات

بيت الأحزان الفيلي..!


طيب العراقي

 

يروي لنا التأريخ أن نبي الله يعقوب(ع) بكى أربعين عاماً، على فقدانه ولده يوسف(ع)/ رغم علمه بأنه سوف يراه في يوم ما؛ بمشيئته سبحانه وتعالى، وقد تلطف عليه أبناء قومه؛ وساعدوه في النحيب والبكاء على ولده، وكانوا يلتفون حول "بيت احزانه"، رغم هجره لهم كي لا يبقى نبي الله وحيدا بألمه ومحنته هذه.

بالمقابل، وعلى الرغم من أن رسول الله "ص" أوصى المسلمين (أني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا)، لكن ما جرى على البضعة الطاهرة الصديقة فاطمة(ع)؛ ومنذ اللحظة التي فارقت فيها روح أبيها جسده الطاهر، دفعها بالشكوى لوالدها والبكاء والنحيب عليه ليل نهار.

لقد كان تأثير بكاء سيدتنا الزهراء (ع)؛ وهي في بيتها وبالخفاء، كبيرا على النفوس المريضة، التي قالت للرسول"ص" ساعة رحيله، إنه ليهجر، لذلك فإن بكاء فاطمة"ع" كان بمثابة فتح جبهة حرب ضدهم، فأندفع شيوخ مدينة النبي (ص)، الى الامام علي أمير المؤمنين (ع) ويشكون له قائلين: يا أبا الحسن إن فاطمة تبكي الليل والنهار، فلا أحد منا يهنأ بالنوم في الليل على فُرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا، وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلاً أو نهارا!

لقد كان بكاء إمرأة جالسة في بيتها، يزعج تلك الشخصيات الظالمة، لأنه يقرعهم ويذكرهم بظلمهم، الأمر دفع بأمير المؤمنين(ع) أن يبني لها بيتاً في اطراف المدينة سُمّي (بيت الأحزان)، حيث كانت(س) تصطحب ولديها الامامين الحسن والحسين(ع) معها الى ذلك البيت، للبكاء على والدها نبي الرحمة(ص) وتشكوه ألمها والظلم الذي حل بها..

اليوم يتكرر المشهد بتفاصيله الدقيقة، فعندما يستذكر الفيلييون الذين تعرضوا لابشع ظلم شهده التاريخ المعاصر، آلامهم ومآسيهم ويطالبون بحقوقهم، ينزعج من ذلك كثيرين، وبين المنزعجين شيعة، وهم من يفترض أن يقفوا مع الفيليين في محنتهم، بل أن بعض الفيليين أنفسهم، وهم أولئك الذين أستعربوا أو تفرسوا أو أستكردوا، ينزعجون جدا من نحيب الفيليات على ما فقدن من أحبة، لأن ذلك يذكرهم بعارهم وشنارهم، وبخزيهم الذي هم فيه سادرون.

نحيب وبكاء فاطمة"ع"، لم يخفت لحظة واحدة منذ 1427 عاما على رحيل أبيها "ص"، ولم يمح إنزعاج المنزعجين ذكر آل محمد"ص"، وها هو يملأ الآفاق أنصارا ومريدين ومنخرطين.

الفيليون لم يطلبوا أكثر من حقهم، فلم يطالبوا بتشكيل دولة، مع أن ذلك حقهم وفقا لحق تقرير المصير المكفول أمميا وأخلاقيا، ولم يذكر فيلي واحد، ولو بحرف واحد، أنه لا يحب العراق ولايشعر بالأنتماء له، مع ان الذين ظلموهم عراقيين مثلهم؛ ما يزالون يعيشون بخيرات الفيليين المسلوبة، لم يفعل الفيليين ذلك لأنهم فقدوا الإحساس بالضيم، إذ ليس مثلهم مرهف الحس، ولكن لأنهم أهل العراق الأصلاء وبناته الأوائل.

ايها المنزعجون من بكاء الفيليين وإستذكارهم لالآمهم، دعونا وشأننا فهذا شأننا، ولا نريدكم أن تقفوا معنا في محنتنا، فلا يقف مع المظلوم إلا الأحرار، وأنتم ومن أي واد كنتم لستم أحرارا، لأن للحرية حملة مشاعلها.

لقد بنى الفيلييون في كل صقع هم فيه "بيتا" لأحزانهم، ولن يهدموا هذه البيوت، لأن بعضهم ينزعج من وجودها،  "بيوت الأحزان الفيلية" بعض من طرق إنتزاع حقوقنا من شانئينا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك