عبد الكاظم حسن الجابري
يمثل التقدير والاحترام المتبادل بين الأفراد داخل المجتمع حالة أخلاقية راقية, فمن خلال هذا الاحترام تتعضد أواصر المجتمع ويبنى هرمه على أسس متينة.
كلما كان الاحترام المتبادل بين الأفراد داخل المجتمع نموذجيا, كلما كان المجتمع متماسكا, وتلعب أواصر العلاقات الدور الأساس في بناء تراتبية الاحترام بين الأفراد.
اتخذ سلم الاحترام المتبادل بين الأفراد أشكالا مختلفة, وقد مارست الجماعات أشكالا عديدة من نماذج الاحترام المتبادل, وتنوعت الأسس التي يتم عليها احترام وتقدير الأفراد, وقد كان للتطور وللأحداث تأثير كبير على ميزان الاحترام داخل المجتمع.
يبنى الاحترام عادة على أساس مكانة الفرد في المجتمع, فيقدم الرئيس على المرؤوس, والسيد على العبد, والكبير على الصغير, والعالم على الجاهل, والعامل على القاعد, وإلى غيرها من مسببات الاحترام.
جعل الإسلام حصانة للوالدين, وجعل احترامها وطاعتهما واجبة لازمة, وكذلك رسم العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة, والعلاقة بين الأفراد داخل المجتمع, وجعل التقوى أساس التكريم الإنساني "إن أكرمكم عند الله اتقاكم".
مع تطور المجتمعات وتحولها من البعد الروحي إلى البعد المادي, اتخذ الاحترام المتبادل بين الأفراد منحنيات أخرى, وكان للمادة والبهرجة والزخارف دور رئيسي في رسم صورة هذا الاحترام, فصار صاحب الأموال مقدرا, وإن كانت أمواله سحت حرام, وصار المسؤول والسياسي محترما وإن كان فاسدا وخائنا لوطنه.
صارت المادية –وللأسف هي معيار التفاضل بين الأفراد داخل المجتمع, ومن المحزن إن مجتمعاتنا بدأت تتنكر لقيمها الأصيلة, وأخذت تمحوا تراتبية الاحترام العرفية والأخلاقية والشرعية, وصار لا اعتبار لكبير ولا لتقي, وإنما على أساس ما يملكه الفرد من مداخيل.
على المجتمع إن أراد أن يقوى ويتماسك أن يعود إلى رشده,وأن يميز بين الأفراد على أساس خدمتهم للمجتمع, وتفانيهم للعمل على بناء مجتمعاتهم وأوطانهم, لا على أساس ما يحملون من أموال أو مكاسب مادية, فالمادية زائلة, والقيم الأخلاقية الفاضلة باقية.
https://telegram.me/buratha