كاظم الخطيب
الشباب عالم قد لا يفهمه أغلب الرجال، والرجولة غاية قد لا يصل إليها أغلب الشباب، فالفتوة مادة خام ليست بالضرورة أن تستحيل رجولة، أما الرجولة فهي فتوة قد نالت حظاً من الإهتمام والرعاية الخاصة أو العامة.
الشباب هو أول الشيء وحداثته، وريعان شباب الرجل هو ريعان الفتوة، التي تلي مرحلة الطفولة؛ ما يشير إلى فطرة وعنفوان وحياء وشرف، وفضول وتقصٍ وشغف، صفات إذا ما تمت رعايتها بدراية ، ومداراتها بعناية ، حينها تكونْ الرجولةَ، وتُصنع الشعوب، وتبنى الأوطان، ويكون للحاضر معنىً وللمستقبل وجود.
كما الغاز المصاحب للنفط العراقي؛ كانت طاقات الشباب تحرق، وتبدد في الهواء، وتتبدد معها أحلام وتطلعات شعب فتي يعاني من شيخوخة مبكرة، بفعل ممارسات سياسية وإجتماعية وإقتصادية؛ يمارسها الكبار، وبعض الشباب ممن صيرهم الفساد كباراً.
إقصاء الشباب- خوفاً أو حسداً- إسلوب مقيت يمارسه مخضرموا الإدارة والسياسة، وأرباب السيادة، وصناع القرار؛ حفاظاً على مراكزهم وإمتيازاتهم، مما خلف جيشاً من العاطلين، الذين لا يملكون شيئاً أكثر من الفراغ.
فراغ طويل، وطاقة مكبوتة، ومحسوبية باتت تمتهن توزيع الأرزاق على الخلائق، دون تدخل من الله سبحانه- حسب ظن ذلك الشاب العاطل- فهو يرى
كيف أنه وبجرة قلم من مسؤول؛ يؤمن رزقاً لأحد معارفه أو أقاربه أو أحد محازبيه بصفة دورية- شهرية- ثابتة، بينما هو يعاني من الفقر والعوز والحاجة، رغم سيرته الذاتية التي تحتوي سنوات عمره، ومعاناته في سبيل الحصول على الشهادة الجامعية، والتي طبعها أكثر من مائة مرة، ولم تجد لها جرة قلم من أحد.
لا شك لديه مطلقاً؛ بأن عملية توزيع الأرزاق هذه، هي بعيدة كل البعد عن سنة الله سبحانه في خلقه وحكمته في ضمان الرزق لجميع المخلوقات، حتى إنه قد سمع من أحدهم يوماً؛ إن الله يرزق نملة في قلب حجر، والحجر في قلب محيط، وقد سأل نفسه حينها، ماذا لو أنني وصلت لذلك الحجر؟ وأخرجتهُ من قلب ذلك المحيط، وكسرته وأخرجت تلك النملة من قلبه، وماتت تلكم النملة، فهل سيكون ذلك من صنع الله؟ أم من صنع يدي؟ وهل سيعاقبني سبحانه؛ لأنني تدخلت عابثاً في منظومة الرزق التي كفلها لعامة مخلوقاته؟
نعم.. كان جوابه جازماً، سيعاقبني الله، لكنه عاد متسائلاً، هل يمكن أن يرى الله تلك النملة وهي في أعماق المحيط، وفي قلب ذلك الحجر، ولا يراني، وأنا في قلب محيط العراق، وفي قلب أمي؟ تلك المرأة التي ما عزفت عن الدعاء ولا إنفكت عن الرجاء، كي أحضى بجرة قلم، من شأنها أن تنصفني، وتعيد إلي حقي، لا أن تأخذ حق غيري وتعطيني إياه، فأنا أرفض قطعاً التدخل في منظومة الرزق الإلهية.
أردف قائلاً، ترى ماذا سيقول الجمهور السياسي، والرهط الإداري، لله سبحانه، حين يسألهم عني؟ بماذا سوف يجيبون، حين يقول لهم سبحانه، لماذا تدخلتم في منظومة رزقي التي كفلتها لمخلوفاتي، وأخرجتم هذا الشاب من قلب محيط العراق، وكسرتم قلب إمه، حتى مات حسرةً وكمداً؟
https://telegram.me/buratha