سجاد العسكري
كانت ومازالت وسائل الاعلام تمثل دورا محوريا في المجتمعات والافراد, وهي تشغل جزء كبير من وقت الافراد ,من مشاهدة واستماع لمختلف وسائل الاعلام ويضاف لها مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت طفرة نوعية في عالم الاعلام وقد يكون الكثير ممن هجر التلفاز وغيرها من وسائل الاعلام الكلاسيكي , والذي يطرح مختلف المواضيع والاشكال المقدمة , ويجعل العالم بين يديك واخباره تحت ناظريه ويؤثر فيه تاثير مباشرا في بناء وجهة نظر قد تكون غير منطقية وليس لها اي واقع .
وقد كشفت حصيلة من الدراسات الجديدة ان (مشاهدة وسائل الاعلام التي تبث اخبار عنف متصلة تحدث سلوكا عدوانيا في مختلف الثقافات ) فظاهرة العنف في المجتمعات السابقة اوالتي لم تشهد هذا التقدم اليوم موجودة , لكنها ليست على نطاق واسع وقد نسمع عنها في وسائل الاعلام بشكل محدود لنقف مستغربين , اما اليوم في عصر التقدم التقني والعلمي اصبحت هذه الظاهرة اكثر انتشارا وخصوصا بين المراهقين والشباب وحتى الاطفال يظهر على سلوكم وفي تعاملهم في البيت او المدرسة مع زملائهم اخوتهم , وهذا السلوك لعله مايميز هذا الجيل الصاعد والذي يطمح ان يقود المستقبل , كله اثار وسلبيات وسائل الاعلام وما تبثه من مشاهد وسلوكيات يفهمها المتلقي مرة انه عنصري او طائفي او عدواني !
كما كشفت نفس الدراسة وما توصل له الباحثون (أن التعرض لتأثيرات العنف الإعلامى يؤثر على التفكير العدواني المتزايد وخفض التعاطف) , ولم يكتفي الاعلام بهذا القدر بل يحفز التفكير ويوجه له رسائل مفادها ,كيف تكون وتفكر بعدوانية؟! بل يتعدى ويغير سلوكايته الانسانية الطبيعية التي هي الرحمة والتعاطف والتعاون , فهنا الاعلام يلعب دوره لتمزيق اواصر الصلة والاتصال بين الافراد وتميزيهم على اسس اعتبارية لاقيمة لها بل يروج لها من قبل وسائل الاعلام لصنع حالة من التناحر والتنافر ,لأهداف معدة مسبقا ومخطط لها من قبل جهات سوداء عالمية او محلية او مشتركة.
فمن ضمن ما تبثه وسائل الاعلام المختلفة لصنع العنف , وتستهدف به بالدرجة الاولى الاسرة لأنها نواة المجتمع الصالح وبالخصوص الاطفال والمراهقين والشباب عبر افلام الرسوم المتحركة (الكارتون) التي اصبحت عبارة عن قتال وصراع واستخدام الاسلاح ضد الاخرين , او عبر الافلام الهولودية الاكشن التي تحتوي على مشاهد ممنوعة ومملوئة بالعنف لتبيض وجه البطل الخارق , او عن طريق الالعاب القتالية الحربية التي تجعل الشاب يعيش في تشويق دائم ويستحضر مواقف القتال والحرب ويعيشها بكل جوارحه وبشغف لا حدود له ليسهر الليل ومشغول في النهار بهذه الاجواء الصاخبة من التفكير بالسلوك العدواني لينتقل الى مرحلة الـ(لا تفكير) ؟!
اما الاخبار فقصتها طويلة وما يبثه الاعلام من اخبار كاذبة او مفبركة للتسقيط او صنع رأي عام يحقد على طرف ويتمنى قتله , ويميل مع طرف اخر ولا يرى الحق الا معه , والجميع يتذكر ادارة جورج دبلو بوش الذي شن حرب على العراق ترتكز على سرديات مضللة معتمدا على الاعلام والسياسة , ولأظفاء الشرعية ربط الاحداث باحداث 11 سبتمبر ,لتنطلق وسائل الاعلام في التضليل وتصوير حالة الرعب والفوضى واتهام الاسلام والمسلمين بالارهاب !
فالماكنة الاعلامية تزرع بذور العنف وبشتى اشكاله لصنع مجتمعات تعمها الفوضى وعدم الاستقرار , وتتلاطم فيها الافكار والميول مابين جر وشد ,وتناحر وتنافر, حتى وصفوا هذا النوع من الاعلام بانه كـ(الناشئة في منزل مفكك) ومن العوامل الخطرة التي تصنع العنف والحرب معا , وتديره غرف الافكار التي تدفع المتلقي نحو تبني سياسات ومواقف تتضمن الكراهية والعنف والطائفية وتبني حروب مفتعلة , نعم الاعلام يمارس العدوان على الافكار والقيم والثقافات ؟! ووسائل الاعلام ليست مجانية فلديها الاعمال والصفقات التجارية والارتباط بقيود سياسية.
https://telegram.me/buratha