علي عبد سلمان
لم أعتد على النوم المبكر منذ زمن بعيد وربما من أيام الدراسة الابتدائية (وليت الزمان يعود)، حيث النصيحة الذهبية " نم مبكراً .. لتصحو مبكراً " ، ولكن لا أعرف لماذا ليلةِ أمس نمتُ مبكراً ؟ هل هو بسبب انطفاء الكهرباء التام ؟ أم بسبب إضافة نهر ثالث - نهر بغداد – إلى دجلة والفرات ؟ . أم بسبب الخبر المؤلم الذي سمعتهُ عن وفاة أربعة أفراد من عائلة عراقية فقيرة في منطقة الحسينية أحدى ضواحي بغداد (المساكين انهار عليهم سقف بيتهم الطيني) ؟....المهم نمت مبكراً مغموماً مهموماً حزينا .
فإذا أجدُ نفسي أتمشى في شارعٍ لم أشاهدهُ من قبل ، وأنا أرتدي بدلة رصاصية أنيقة وأحمل بيدي مضلة سوداء، ومطر كثيف ينزل على شوارع بغداد ولكن سرعان ما يختفي في مسالك تصريف مياه الأمطار، كانت على جانبي الطريق ناطحات سحاب عملاقة ، وبنايات شاهقة، ومما لفت نظري بناية جميلة جداً يرفرف فوقها علم عراقي زاهي الألوان- طبعاً مو أبو الثلاثة نجمات- ، ومكتوب على البناية وزارة التنمية البشرية ، ورأيت رجل مرور جالساً في كشكٍ صغير أزرق اللون عند أحد التقاطعات الرئيسة ! لان سواق السيارات كانوا ملتزمين بإشارات المرور دون الحاجة إلى رجل مرور يفرض عليهم غرامات وربما أتاوات ومساومات. أخيراً وصلتُ إلى مسكني وكان بيتاً رائعاً صممتهُ أحدى الشركات الإيطالية، وشيدتهُ أحدى الشركات اليابانية، وكان ملكاً لي ( طابو صرف) ، أعطتهُ لي الحكومة العراقية لأنني مواطن ، فقط لأنني عراقي .
سارعتُ لفتح جهاز التلفاز فشاهدتُ نشرة الأخبار على أحدى القنوات الفضائية المحلية، كان الخبر الأول هو بيان صادر عن وزارة الموارد المائية أعلن فيه عن ارتفاع الخزين المائي الاستراتيجي في سد بغداد الكبير بسبب كثافة مياه الأمطار، فيما كان الخبر الثاني عن إقالة أحد الوزراء حسب قانون " من أين لك هذا " ، وخبر أخر عن إتمام بناء مستشفى كبير في مدينة نائية ،....... وبينما أنا أستمتع لسماع بقية الأخبار أحسستُ أن الماء قد وصل إلى فراشي - وأم الجهال تصيح: أكعد يازلمه غركنه ... أكعد يازلمه غركنه !!!
https://telegram.me/buratha