جاسم الصافي
حين شرع الإسلام قضية حقوق المرأة كان من اول اهتمامه في الميراث كونه البقعة التي تسلط الضوء على باقي حقوقها المستلبة في تلك الفترة الظلامية من غابر التاريخ ، لهذا جاء الاسلام ليكرم المرآة وليعرفها بما لها وما عليها , ويمدد العوازل ما بين تحررها وعبوديتها التي كانت عرفا دارجا في عالم يسوده الجهل وسفك الدماء والمتاجرة بالبشر , وبدل ان يكون هذا الحدث هو يوم عالمي يحتفى به كل اهل الارض كما يحتفون على سبيل المثال لا للقياس في عيد الحب وعيد غسل اليدين وهي اعياد تعينيه لا حدثيه مثل الثورات والحروب , بل نجد الندوات والاحتجاجات والطعن بالتشريع في بعض البلدان ونجد الانتقاد الهدامة لا النقد البناء لهذه الحقوق التي نقلت المرأة في حلقة مهمة في التاريخ البشري من زمن الذكورية والجهل والعبودية الى نعمة التنوير والمقدرة على رفع صوت المرأة بهذا العلو الذي نشهده اليوم , ولعل اهم ما يؤاخذ على هذه الحقوق هو التميز في الميراث ما بين الذكر ولأنثى في قوله تعالى ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) بعد ان قطع غصن الآية من مقدمتها في قوله ( يوصيكم الله ) واهمل كذلك ما لحقها من تبيان وتشريع ، فلو تفقهنا بالنص التشريعي لهذا الحق لوجدنا ان هذا القول ليس قاعدة على مجمل النص القرآني بل هو للجزء القليل منه أي في حالات خاصة ومحددة ، فنصيب المرأة في الميراث متفاوت مع تفاوت الرابط كما هو في اغلب القوانين الوضعية ، وهذا التفاوت تحكمه ثلاث عوامل اولها درجة القرابة بين الوارث ذكرا ام أنثى مع المورث (المتوفى) فكلما اقترب زاد النصيب في الميراث وثانيا موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعباءها ، يكون نصيبها في الميراث اكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة ... بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والفرق الثالث في الأعباء المالية التي يتحملها كل من الجنسيين وهذا امر واضح بحيث لا يفضي الى ظلم الإناث أو الانتقاص منهن ، ولم يعمم هذا التفاوت بل قال عز وجل ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) ولم يقل في عموم الوارثين " بل وبحسب تفصيلات صلاح الدين سلطان " أن للمرآة أربع حالات تأخذ فيها نصف ما للرجل وضعف هذه الحالات ترث فيها مثل الرجل وعشر حالات تأخذ فيها ضعف ما يأخذه الرجل وحالات ترث فيها المرآة ولا يرث فيها الرجل "
كذلك يذكر الاستاذ شحاتة أن العدالة والمساواة في الإرث لا تتحقق على مستوى الأفراد بل على مستوى المجموع إذا أن حصة الذكر غير ثابتة كما يزعم البعض ومحددة بمثلي حصة الأنثى في كل الحالات كما يتوهمون ، فالذكر الواحد مع ست إناث يرث ثلاث أمثال حصة الأنثى
فان سألنا : لماذا قال { للذكر مثل حظ الأنثيين }ولم يقل :
ـ للذكر مثل حظي الأنثيين
ـ للأنثيين مثل حظ الذكر
{ وان كانت واحدة فلها النصف } { فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلث ما ترك }
ومما تقدم يستوجب علينا توضيح هذه المسالة وتثقيف المرأة وتوعيتها على ان نور الاسلام جاء مع ظلام العالم وانطفاء الانسانية الذي كان يعم ارجاء الارض بلا استثناء , ان ما جاء به الاسلام كان حلما انسانيا في وقت تبحث المرأة فيه عن بارقة امل , لذا يجب ان نحمد المولى عز وجل عليها , بدل ان نصغي للأصوات التي تعمل على زعزعة الاستقرار والرشاد المجتمعي من اجل انهيار الثوابت واوتاد القيم التي تحتاج بعضها الى تصحيح لا الى تغير كما يتوهم الكثيرون
https://telegram.me/buratha