هناك ناقدون كسالى كثر هذه الايام في مجتمعنا، وأخذتهم العزة بالإثم، بالتباكي على الأيام السود في ظل الطاغية المقبور، أقول هذا وأنا أعلم جيداً أن في داخلي صوت يقول: مجتمعنا ليس مثالياً اليوم، وفيه سلبيات كثيرة، لكنه أفضل بكثير مما كان قبل (40) عاماً، وهو ما لا يحتاج الى تأكيد مؤكد وتصريح محدد، ولست هنا معنية بالحديث عن الواقع السياسي الذي يعيشه بلدنا، بعد (15) عاماً من التجربة الديمقراطية الحديثة.
التغييرات التي طرأت على الفرد العراقي، في ظل دعوات الحرية المنفلتة، والديمقراطية المزيفة، وشيوع ثقافة الإنحلال والإنحطاط، ضربت بمجملها البنية الأخلاقية والقيمية لمجتمعنا، وخاصة الأوساط الشبابية، وما هذه الثقافات إلا مسلسل تآمري آخر، لتدمير وإفساد المجتمع العراقي المعروف برصانته، مع علمنا بأن الخط الماسوني، بدأ العمل بعقلية متطورة للغاية، لضرب المرجعية الرشيدة، وإفراغ خطبها من محتواها الروحي والمجتمعي، وتشويه صورة إسلامنا الحنيف وفكرنا الأصيل، بعملية نستطيع تسميتها بظاهرة الإستلاب الثقافي.
الخط الماسوني الذي تنفذ أجندته، أجهزة الموساد الصهيونية الخبيثة، والمنظمات والقنوات الوهابية المزيفة المتشددة، واللبيرالية الأمريكية، والغرب العلماني، ولأغراض شريرة معروفة المقاصد والأهداف، جعلت المجتمع يعيش حالة من الفوضى والإرتباك، وبشكل يهدد السلم الإجتماعي، كما أن ضعف البنية الإجتماعية للشعب، أدى الى جنوحهم لعملية التسقيط الإجتماعي لأية شخصية أو مكون أو كيان، فمهمة بعض الناس أن يسّقط ويشوه، ويطعن وينبز، فهي بنظره ثقافة، ومنهج، ووظيفة يبدع فيها دون التصدي له.
الأدهى من هذا باتت مجالسنا اليوم مجرد مجالس للهو والمنكر، وإشاعة الرذيلة والتفاهات دون الدعوة الى الخير والفضيلة والمعروف والمسقِط لا يهمه الأثر النفسي والمعنوي لهذه الشخصية الإعتبارية، علماً بأننا لا نحدد مفهوم الشخصية لفرد بذاته، بل قد تكون عن كيان، أو مكون، وهذه ظاهرة خطيرة تهدد مجتمعاتنا، ومع الأسف لم تلقِ العوائل العراقية آذاناً صاغية لها، فشاعت الممارسات والسلوكيات الخاطئة والمنحرفة، وأصبحت أكثر شيوعاً، وبروزاً، وتداولاً في الأوساط المجتمعية.
التسقيط الإجتماعي ظاهرة تتنافى مع كرامة الإنسان، فكيف سيعيش الإنسان، وتحفظ شخصيته الإعتبارية، إذا كان التعامل معه تحت مسميات: الهتك، والتشويه، والطعن، ومرجعيتنا الرشيدة أكدت في خطبة الجمعة، (27/ربيع الثاني/1440للهجرة، والموافق 4/كانون الثاني/2019)، فقد روي عن النبي محمد (صواته تعالى عليه وعلى آله) مخاطباً الكعبة المشرفة:(والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لَحرمةُ المؤمنِ أعظمُ عندَ اللهِ حرمةً منكِ)، كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله:(إنَّ للبيتِ الحرامِ حرمةٌ وحرمةُ المؤمنِ أعظمُ منهُ).
روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله لعبد العظيم الحسني: (أبلغْ أوليائي عني السلامَ ولا يجعلوا للشيطانِ عليهم من سبيلٍ، وترك الجدالَ فيما لا يعنيهم، ولا يشغلوا أنفسَهم بتمزيقِ بعضِهم بعضاً)، وهذا ما طرح بشأن ظاهرة التسقيط بين أوساطنا المجتمعية، ونقول: إن من الكلام ما هو أشد من ضرب الحسام، وأثقل من الصخر، لكن مجتمعنا بحاجة إليكم، فأنتم تؤسسون الصرح، فإما يكون ثابتاً لا تهزه الرياح، وإما هشاً فتذروه الرياح).
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha