ضياء المحسن
يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم، جميل جدا هذا البيت للشاعر المتنبي حينما يعاتب سيف الدولة الحمداني، لست هنا في حال الحديث عن الشاعر أو الأمير، بل حديثي عمن تربع على عرش العراق منذ أكثر من عقد من الزمان، ومع كل الثروات والإمكانات في هذا البلد؛ إلا أننا لم نجد شيء يوحي بأنهم قدموا خدمة إليه، إلا النهب والخراب.
ثروات بمليارات الدولارات من بيع النفط العراقي يتم هدرها، بسبب الفساد وقلة الخبرة في إدارة الدولة، ولم ينته الأمر بهذا القدر، بل تجاوزوه الى إستغلال عقارات الدولة سواء ببدل رمزي أو بدون بدل فالأمر سيان عندهم، ناهيك عن إستغلالهم امكان تطل عل نهر دجلة بهذه الحجة او تلك.
أكثر من 600000 عقار مملوك للدولة تستولي عليه أحزاب السلطة والمنتفعين منهم بحجج واهية، تقدر قيمة هذه الأملاك في أقل التقديرات بحدود 120 مليار دولار، ولا تدفع الأحزاب إلا النزر اليسير، لأنها تسيطر على الدوائر التي بيدها الأمر والنهي، ونعني هنا دائرة العقارات وأمانة بغداد التي تقوم بتأجير هذه العقارات بمبالغ زهيدة او حتى بيعها لمتنفذين في هذه الأحزاب والشخصيات المؤثرة في هذه الأحزاب.
وفقا لتقديرات البيع والشراء فإن المتر المربع في وسط بغداد لا يقل عن 2000 دولار، تم بيع قطعة أرض مساحتها 2000 متر مربع (المفروض أن يكون سعرها 4مليون دولار) بسعر لا يتجاوز 20 مليون دينار العراقي (16000 دولار ) بملاحظة الفارق بين المبلغين نعرف مقدار الفساد وحجم سيطرة الأحزاب على الدوائر التي لها بالعقارات، ناهيك عن تأجير أملاك أخرى بمبالغ زهيدة، والإستفادة من العمولات التي يدفعها المستفيد لهم.
بعيدا عن البيع والشراء، فإن هناك أملاك تمثل إرثا تأريخيا لبغداد والعراق، هذه الأملاك يتم التصرف بها وكانها ملك صرف لهم، من خلال تغيير شكلها الداخلي والخارجي، وهي تمثل حقبة تاريخية عاشها العراق في بدايات الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، تقع في شارع حيفا والأعظمية ومناطق اخرى من بغداد.
لقد عالج المشرع العراقي هذا الموضوع بمعاقبة من يقوم بإستغلال أموال الدولة لمصلحته الخاصة، حيث نصت المادة 331 من قانون العقوبات على ((معاقبة كل من يستغل أموال الدولة بالحبس من خمس إلى عشر سنوات)) في حين أكدت المادة 340 من نفس القانون على ((الحبس لمدة سبع سنوات كل من يستغل أموال الدولة التي بذمته)).
لقد عاث الفساد دمارا بالعراق في جميع مناحي الحياة، وعلى رئيس الحكومة الضرب بيد من حديد لإسترداد هذه الممتلكات العائدة الى الدولة، والتصرف بها وفق القانون، من خلال بيعها أو عرضها للإستثمار بطريقة قانونية، لغرض الإستفادة من عوائدها المالية الكبيرةن وتوجيه تلك الأموال لإعادة البنى التحتية والخدمات المتهالكة.
https://telegram.me/buratha