أمل الياسري
جمعينا يخشى عودة الإرهاب من الشباك، بعد أن طردته قواتنا وحشدنا من الباب وهُزِمَ شر هزيمة، ثم إن الرماد المتقد تحت الأرض بدأ يلسعنا وبقوة، خاصة بعد حدوث خروقات متفرقة، هنا وهناك لزعزعة إستقرار الوطن، والشارع العراقي مستاء جداً من الخلافات والتقاطعات السياسية، وكثرة ملفات الفساد، وعدم إكتمال الكابينة الوزارية، والقلق يزداد يوماً بعد آخر.
تطورات الدول المجاورة للعراق بدأت تظهر للسطح، فحرب النيابة التي تخوضها أمريكا لصالح إسرائيل، تتمحور هذه المرة للتحشيد العسكري، وإظهار القوة أمام حلفائها وأعداءها على حد سواء، وبالتالي سيتم التعامل مع منطقة شرق البحر المتوسط، بمعطيات جديدة طرأت على الساحة الإقليمية، بعد الإنسحاب المبرمج للقوات الأمريكية من الأراضي السورية، ولنقرأ المشهد على أرض الميدان جيداً.
هناك قوات أمريكية على أرض العراق، بصفة مستشارين ومدربين، كما تدعي الحكومة العراقية في قاعدة عين الأسد غرب القائم، وقاعدتين قرب الحدود العراقية السورية يتم بناؤها بشكل سري، وقاعدة كي وان في كركوك، وقاعدة في كردستان، وهناك قوات أمريكية في السعودية والكويت، وفي قاعدة الدوحية في قطر، والرميلان في سوريا، وصرح ترامب بعدم نيته للإنسحاب من الأراضي العراقية.
برر ترامب إنسحابه من سوريا، بحجة إعطاء حرية للجيش السوري، لتحرير مدنه من عصابات داعش، ولكن الحقيقة غير ذلك، فأمريكا تواجه ضغوطاً كبيرة، وتشهد علاقاتها مع تركيا خلافات أكبر بسبب قضية مقتل خاشقجي، وبالتالي عدم إستعمال قاعدة أنجرليك التركية من قبل أمريكا، كونها مركز تخزين ومنشأة عسكرية متكاملة، إستعملتها في حملاتها العسكرية طوال عقود مضت.
في عام (2015) سمحت تركيا لأمريكا، باستعمال قاعدة أنجرليك، لضرب تنظيم داعش في سوريا، ولكن عندما وقفت أمريكا بجانب وحدات الحماية الكردية المعارضة لحكومة تركيا، فقد مُنِعت أمريكا من العمل فيها، ولأن القاعدة تعد قلب واشنطن النابض في منطقة الشرق الأوسط، كان لابد من رسم خارطة تحرك جديدة للتواجد بالمنطقة، وزعزعة إستقرارها لصالح حليفتها إسرائيل.
ما آثار حفيظة أمريكا بعد فشلها بتحقيق مخططاتها في سوريا، أن روسيا بدأت تأخد مكانتها في المنطقة إقليماً، ففي ( 2015) سمحت حكومة الأسد لروسيا بإستعمال قاعدة حميميم السورية، وبناء قاعدة جوية متكاملة، مع أنها مخصصة للطيران المروحي، وإستعمالها لضرب فصائل المعارضة السورية، بشكل مجاني وفي كل وقت، وقد أعربت أمريكا عن قلقها الكبير حولها.
بعد حصول قاعدة حميميم على الحصانة القضائية في (2017)، أعلنت روسيا الإتفاق مع الأسد، لإنشاء قاعدة متكاملة، كمركز تخزين إقليمي لمختلف الآليات العسكرية، وتأمين منطقة المرفق البحري في ميناء طرطوس، لضمان نقل الترسانه التسليحية من روسيا الى مناطق النزاع، وتثبيت منظومة الدفاع الصاروخي (أس 400ترمويف)، للدفاع عن المجال الجوي من جنوب تركيا حتى شمال إسرائيل.
قاعدة حميميم وميناء طرطوس موقعان إستراتيجيان، يقعان في منطقة شرق البحر المتوسط، وهما مؤمنان بالكامل في ظل وجود وحدات الإعاقة الألكترونية (كراسوخا)، بإلاتفاق مع جهاز المخابرات السورية وبإشراف الأسد تحديداً، والأهمية تبرز أيضاً لقاعدة أنجرليك، والتي تحوي خزيناً عسكرياً أمريكياً، وبالتالي فالمنطقة على شفا جرف هارٍ من حرب الإستنزاف، بالنيابة بين كل من روسيا وأمريكا.
في ظل التقارب (الروسي السوري الإيراني التركي)، يتضح جلياً خبث المؤامرة المرسومة لأمريكا، خاصة وأن موقع ديبكا الإستخباري الإسرائيلي، نشر تقريراً حول طلب إيران، تشكيل غرفة عمليات تضم: (حزب الله، وفصائل مقاومة عراقية، وسوريا، وإيران)، لضرب الدولة العبرية، في ظل تصاعد الإعتداءات على الفلسطينيين، وعليه فمثلث برمودا غامض للغاية في منطقتنا، لكنه خبيث ومدمر بالتأكيد.
https://telegram.me/buratha