طيب العراقي
يفتقر عمل مجلس نواب جمهورية العراق، وبجميع دوراته المتعاقبة منذ 2005 وبضمنها الدورة الحالية، الى ضوابط إدارية حقيقية وفاعلة، تحكم عمل النواب وتضبط فعالياتهم وتصرفاتهم، وبما يضمن لإنتظام عملهم، وحسن أدائهم لواجباتهم التي أنتخبوا من أجل تأديتها، من قبل ناخبيهم، مع العرض أن النائب في مجلس النواب العراقي، يمثل 100 الف عراقي، ولكنه بالنهاية يمثل جميع العراقيين.
الى جانب الضوابط البرلمانية الأدارية المفترضة، كان من المؤمل أن يحتوي نظام مجلس النواب الداخلي، فقرات محددة وواضحة، تلزم النائب بالمواضبة على المشاركة الفاعلة في جلسات المجلس، وأن يكون حضور النائب مقدسا، لأن مصالح الناخبين لايمكن تنفيذها إلا من خلال المشاركة، في جلسات مجلس النواب ونشاطاته المختلفة، فضلا عن أن النواب العراقيين يتقاضون رواتب ومنافع، هي الأعلى بين جميع نواب الكرة الأرضية، ويحظون بمنزلة ومنافع الوزراء!.
الحاجة ماسة أيضا الى وجود مدونة سلوك، تبعد مجلس النواب عن المناكفات السياسية الفارغة، وعن الحروب الإعلامية الكلامية، وعن إستغلال الحصانة البرلمانية، وهذه الحاجة تفترض وجود بنية مدرسية في مجلس النواب، تعلم النواب ما يجب عليهم فعله، وكيفية مزاولتهم لإعمالهم على أسس سليمة، لأن المنصب النيابي في الأول والآخر، أمانة شعب برقبة النائب، وعلى النائب أداء الأمانة علىأتم وجه.
ما نشهده في مجلسنا العتيد، لا ينسجم مع التطلع لتنفيذ الحد الأدنى من المهام، وفي جعبة الناخب العراقي كم كبير من الخيبات، سببها "إستهتار" بعض النواب، بالمسؤولية الملقاة على عواتقهم، و لا يظن أحد أن مفردة"إستهتار"، تعد تعديا أخلاقيا على من نعنيهم، فما يقومون به أكبر من "الأستهتار" بكثير!
صحيح أنه لا يوجد مانع قانوني أو دستوري؛ من أن يكلف النائب بمنصب تنفيذي، ويترك المنصب النيابي، لذلك أستغل النواب وكتلهم السياسية هذه الثغرة القانونية، وباتوا يأكلون على الفكين، إذ يدعمون مرشحا يتوسمون فيه النجاح، للحصول على مقعد نيابي، ولكن بقصد الحصول على منصب تنفيذي، وستدفع كتلته السياسية بديلا عنه، حصل على أصوات أقل منه، وبذلك تحصد الكتلة السياسية من مزرعتين، مزرعة مجلس النواب ومن مزرعة الحكومة!
نائب منتخب نال أكثر من30 الف صوت، ومع ذلك وعلى الرغم من مضي أكثر من أربعة أشهر، على بدء مجلس النواب أعماله، إلا أن"الأفندي" ممتنع عن أداء القسم الدستوري لحد الآن، لأن عينه ليست على تمثيل ناخبيه، وليس مهما عنده تشريع قوانين خادمة؛ لمن إئتمنوه على أصواتهم، بل أن عينه ترنو الى منصب سيادي أو تنفيذي كبير، لأن المناصب التنفيذية دجاجات تبيض ذهبا، ينطبق هذا التوصيف على عدد مهم من نواب هذه الدورة، و"بيش كيلو" مجلس النواب!
آخر يستقيل من مجلس النواب لظروف خاصة كما يقول، وعند البحث والتقصي نكتشف أنه يلعب لعبة المخاتلة، فهو أيضا لم يؤد اليمين القانونية، ويتبين أن الـ"ظروف الخاصة" كعكة يسيل لها اللعاب!
نائب آخر حظر في أول جلسة وأدى اليمين الدستورية، ومن يومها "إستنكف" عن حظور الجلسات، لأن جنابه" الكـ.." يرى نفسه أكبر من مجلس النواب، بل ويرى أنه متفضل على العراقيين بـ"قبول" المنصب النيابي!
إذا أردت أن تعرف أي شعب في العالم, أنظر إلى برلمانه ومن يمثله فيه..وبعدها سوف تعرف أي الشعوب يستحق رمي الورود عليه أو ضربه بالأحذية..! "ونستون تشرشل"
https://telegram.me/buratha
