سعد الزيدي
المنظومة الثقافية بما تمثله من مكونات الحضارة، وبما تعكسه للآخري،ن وتترجمه من مجمل حركتنا وسلوكيتنا، وواقعنا تمثل هويتنا التي يعرفنا بها الآخر ليس فقط، بل مصدر الحافظ على قوتنا كأمة، وأن التمسك العلمي المنفتح على الاخر بجزءياتها، هو أيضا مصدر عطاء جمعي او مجتمعي، في البناء الثقافي العالمي، وكانت هذه حقيقة ذات أثر نافع إلى اليوم كما يذكر المنصفين.
كانت مساهمة المثقف الاسلامي الإنسانية، فاعلة بما يقارب عشرة قرون، وزاد عطاءه على غيره كثيرا، وقد كان حجر اساس مؤسسات الغرب الحاضرة، في فروعها العلمية والثقافية. من هنا فإن قول ألبعض من المتأخرين، ارباع المثقفين او المدعين بالثقافة والحداثة والعصرنة ، (بأن التمسك بالموروث الثقافي منعنا من التقدم، فإذا كان لا اذن لماذا لا نبدع، نحن حتى عندما نسير إلى الامام رؤسنا ملتفته إلى الوراء )هذا قول مردود تماما، وهذه المغالطة بالحقيقة سببها واضح، ولكنه عميق يحتاج إلى تفكيك بعض المفاهيم، للوصول إلى الحقيقة.
لا يُحقق تمام القناعة، اذا قلنا سبب ذلك الخرافيين المنغلقين، والمزورون للمفاهيم الثقافية، الذين يٌدَعون بان الدراسات الإسلامية، تقتصر على اللغة والفقه والتاريخ ومن في خانتها، ويغفلون عن الأمر السماوي بالتفقه وطلب العلم، وهم بذلك يحجرون على العقل تماما، ويحدون من السقف المعرفي للإنسان .
في التفكيك الموضوعي ،نقول نعم الترابط بين الموروث الثقافي والإبداع حقيقة، فالموروث يشكل قاعدة حاضنة للعلماء والمفكرين، والإبداع نتاج خلفية اجتماعية ثقافية علمية لا شك فيه، ونحن كنا كذلك؛ بدليل عصر التقدم والإبداع في شرقنا الاسلامي، الذي يشهد بفضله الغرب؛ كان نتاج عصر ازدهار الثقافة الاسلامية، التي اصبحت اليوم موروث، وأما سبب توقف العطاء الثقافي للأمة وبالتالي العلمي والتقني فهو تفكيكيا كما أسلفنا.
اولاً مدرسة هولاء الخرافيين، وثانياً اجتهادات سلفكم أيها المُلقون بتخلفكم على التراث، ولا أريد الدخول في مهاترات تصنيف هؤلاء السلف، فأقول المغتربون الأوائل ولا أقول المتصهينون، وقد يجزم غيري بالقول بأن الاصح عمالة هؤلاء السلف، وتحالفاتهم مع الغرب الاستعماري، فأدخلوا مناهج تربوية فاسدة كسابقتها، وظفت في قتل روح الإبداع والاجتهاد، وخلقت الاتكالية والتبعية، لتجعل من الأمة غير منتجة واستهلاكية كسوق للغرب. هذا غير خاف على احد، فقد صرح به كبار كتاب الغرب الاستعماري؛ من المستشرقين ومنظري الصهيونية، فقتلت هذه السلفية ولا تزال في عالمنا الإسلامي، القيمة الوجودية للإنسان وروح الاستقلالية، وجعلته شخصية تابعة تدور في فلك الحاكم، وليس من شأنه أن يطلق عنان الفكر لكي يبدع.
لقد نشأت طبقة واسعة من الأميين، سرعان ما ينهزمون ويلقون باللوم على الموروث الثقافي، وعلى المدافعين عن حقوق الأمة، في حفظ هويتها وقوتها كي لا تسحق، فالبقاء للاصلح أو للأقوى..!
https://telegram.me/buratha