عبد الكاظم حسن الجابري
الظاهر من الحكومة العراقية الحالية, والتي تجاوزت المائة يوم من عمرها برئاسة السيد عادل عبد المهدي أنها حكومة هادئة, تعمل بعيدا عن الضوضاء والتصادم, وبعيدا عن التأزيم الإعلامي أو التخوين والاتهام للآخرين.
هذا الحال من الهدوء هو منهج جديد ومغاير لما جرى في العراق بعد 2003,إذ كانت الحكومات السابقة حكومات متشنجة, وتتعامل بالصراخ وبالصوت العالي وبثقافة "بعد ما ننطيها" رغم أن حكومة السيد العبادي كان بصورة نسبية أفضل من سابقاتها.
يقال اعمل بصمت ودع عملك يتكلم, ويقال أيضا إن في الصمت حكمة, ويقال أيضا جعل العقل عشرة درجات تسعة منها في الصمت وواحدة في الكلام, لذا فمن أراد إن يكون عمله صحيحا صادقا عليه أن يلتزم الصمت الكلامي والكلام العملي.
يبدو أن حكومة السيد عادل عبد المهدي تنتهج هذا النهج, فمن خلال المائة يوم وجدناها تضع خطط طموحة لمواجهة المشكلات التي تعصف بالبلد, فمن مقترح مشروع سكن لكل مواطن وخطة حويصلات المدن, إلى مشروع ضرب الفاسدين وتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد, إلى مشروع اعمار البصرة, وكذلك الخطط الطموحة لتفعيل الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص, وتحويل الدولة من حالة الدولة الريعية إلى حالة الدولة المنتجة.
هذا السلوك "التخطيطي" رافقه سكوت تام عن الرد الانفعالي تجاه التخوين والاتهام والإشاعات التي تطلق تارة من سياسيين مشتركين في العملية السياسية, وتارة من تجار يخشون من نجاح هذه الحكومة وتارة من أعداء للعراق.
كما إن هذه الخطط الطموحة "السلوك التخطيطي" إذا ما أخذت طريقها نحو التنفيذ سنرى وجها مغايرا للبلد, ونجد معطيات جديدة على أرض الواقع, قد تنقل العراق من حال إلى حال آخر.
المشكلة التي ستواجه الحكومة في خططها هذه هو تعطيل متعمد من بعض الكتل والسياسيين لمشاريعها بحجج مختلفة بغية إسقاطها لدواعي سياسية وحزبية وانتخابية.
أرى أن هذه السنة الأولى من عمر الحكومة ستكون بمثابة الأرضية لتهيئة العمل الرصين في السنوات الثلاث القادمة, وإن الانجاز لن يتحقق بتمامه في هذه السنة, كون التحديات أكبر والمشاكل أعظم.
إن التفاؤل يدفعا أن نتوقع نجاح لهذه الحكومة, لما نراه من خطط واضحة تلامس المشكلات بصدق, وكذلك يعتمد نجاحها على تعاون جميع الكتل والأحزاب لإتمام خططها في العملية التنموية.
https://telegram.me/buratha