طيب العراقي
تُعًدُ هزيمة داعش في العراق وسوريا؛ هزيمة نكراء للتحالف الصهيوني السعودي الأمريكي، ولهذا السبب كان من المتعين على أطراف هذا التحالف الشرير، إعادة النظر بسياساتها ليس تجاه العراق فحسب، بل بمجمل أنشطة شرها؛ في المنطقة خصوصا وفي العالم عموما.
أكثرمن 5000 إنتحاري سعودي، فجروا أجسادهم العفنة فينا، وفقدنا جراء ذلك وفي كل تفجير إنتحاري، مئات الشهداء والجرحى، حتى ضاع علينا حساب الجمع..وكشاهد على جرائم آل سعود، فإن في سجوننا أكثر من 500 مجرم داعشي سعودي الجنسية، وفي كل معركة خاضتها قواتنا المسلحة، ضد الدواعش الأشرار، كنا نجد في ساحة المعركة جثث عشرات السعوديين!
السعودية تحاول جاهدة؛ إمحاء صورتها السيئة كدولة مصدرة للإرهاب، بعد أن أتضح ذلك بجلاء لدى شعوب العالم أجمع، ووجدت نفسها إزاء نقطة حرجة جدا(critical point)، ليس أمامها من وسيلة لتجاوزها، إلا بالإستدارة بمقدار 180 درجة، في تعاطيها مع الأزمات التي صنعتها في المنطقة.
على غير عادة آل سعود، تغيرت لهجتهم المتغطرسة تجاه العراق، وتغيرت لغة الإستعلاء والتهديد والتخوين والتكفير، وبدأنا نستمع الى لهجة ودودة هادئة.
الحقيقة أن مسلسل التراجع السعودي، ليس وليد ملعب البصرة كما يتصور بعض السذج أو المنتفعين، الذين تصوروا ان مباراة السعودي والعراق، ستُنزٍل عليهم المًنً والسلوى، بل بدأ مع زيارة عادل الجبير؛ وزير الخارجية السعودي الى العراق، في أوائل عام 2017، والتي كانت الأولى من نوعها منذ عام 2003، كما جائت بعد طرد سيء الصيت ثامر السبهان، السفير السعودي لدى العراق، بعد تدخله السافر في الشؤون الداخلية العراقية، وتهجمه على الحشد الشعبي، وإلصاقه التهم بالحشد، وإثارته النعرات الطائفية.
آنذاك كنا على وشك تحقيق الإنتصار، على داعش في الموصل وتلعفر، في وقت تكشف فيه بشكل تام وجلي، الدور السعودي بدعم الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا، بالمال والسلاح والفتاوى والتدريب, وكانت زيارة الجبير محاولة للتبريء من عار دعم الإرهاب، وبعدما تعرضت السعودية لانتقادات، من جانب حلفائها في الولايات المتحدة وأوروبا، بعد أن أمتدت أيادي الإرهاب المدعوم سعوديا، لتصيب منهم مقتلا.
صحيح أن الرياضة عموما، وكرة القدم خصوصا، وسائل فعالة ومجربة في العمل الدبلوماسي، ولها نتائجها المثمرة في رأب الصدع بين الدول، لكن الأصح؛ أنه لا يمكن الوثوق بالخطوة السعودية نحو العراق، والملعب الذي يقال ؛أن ملك السعودية سلمان قد تبرع به، يمكن أن لا يرى النور أبدا، فلا ضامن لثبات الموقف الجديد لآل سعود، وذلك لأنهم يضمرون عداءا عقائديا نحو العراق، ومن المعلوم أن حلول المشكلات بين أطراف مختلفة عقائديا، تعد من أصعب المشكلات..
ملعب سلمان الموعود، جزء من سياسة الجزرة، بعد أن فشلت سياسة العصا مع العراق، وهو واحد من أساليب التدخل الناعم في العراق، الذي يعول على إبعاد العراق، عن حليفته الأستراتيجية إيران، وما عروض تنشيط العلاقات الأقتصادية مع العراق، وتقديم دعم لإعمار المحافظات التي تضررت من الإرهاب، إلا فقرات من جريدة الحرب الناعمة.
بالمقابل ذاكرة العراقيين نشطة، وليس من السهل تغيير برمجة العقل العراقي، الذي يحتفظ بذكريات مؤلمة، عن الدور السعودي القذر في دعم الإرهاب، ألذي أوغل في دماء العراقيين ليس بأموال سعودية فقط، بل بخمسة آلاف إنتحاري سعودي، فجروا أجسامهم العفنة هنا في العراق، ليحصدوا ارواح أطفالنا ونسائنا ورجالنا.
أذا كان من سبب لقبول تقارب سعودي مع العراق، فيجب أن لا يكون هذا التقارب بأثمان بخسة، وعلى الداعين الى تقارب عراقي مع السعودية أن يحسبوها جيدا، فلا شيء يقدم بالمجان، وفي مقدمة الأثمان المطلوبة، هو أن يتخلى أل سعود عن عقيدتهم التكفيرية بشكل مبرم، وأن يقدموا الدليل على نبذهم للتطرف وعقيدة السيف، وعليهم أن يقدموا للعراقيين تعويضات مجزية، وإعتذارات علنية عن ما تسببوا به للشعب العراقي من آلام وجراحات عميقة، لا يمكن إمحائها بكلمات معسولة تقال في الغرف المغلقة، أو عبارات طنانة تلقى في حفلات إستقبال مسؤولينا المهرولين نحو الرياض!
على المطبلين للتقارب مع النظام السعودي أن يعوا، بأن هذا النظام بات حصان سباق متقاعد، وقد تحول الى حصان يجر عربة خيباته، وقريبا سيطلق الغرب عليه رصاصة الرحمة..!
https://telegram.me/buratha
