المقالات

ثأرالجبان الديوث من الشرفاء الليوث..!

3971 2019-02-02

قصة من قصص البطولة التي سطرها بطل من أبطال العراق، تشرفت بكتابتها-2-  ======================

 

 

 

 كاظم الخطيب

 

مدينة الناصرية، حيث التأريخ.. حيث الجذور وحيث الأزل، صباح جميل يطل بمحياه على قلوب طالما عُرفت بالطيبة، ونفوس طالما إتسمت بالرضا، وتنفست عبير الهور، وإمتطت قصب البردي سابرة أغوار مسطحات الماء، التي تغطي مساحات واسعة من جسد هذه الأرض الطيبة. 
إنه أحد صباحات إيلول من عام 2017 ميلادية، عندما خرج رئيس عرفاء شرطة عماد مسعد جاسم الغزي من منزله متوجهاً إلى عمله، متفائلاً بيوم جديد، ولكونه أحد منتسبي وزارة الداخلية العراقية، فقد كان مكلفاً بواجب التفتيش في سيطرة عسكرية – سيطرة فدك- وعندما وصل إلى مقر عمله، توجه إلى مكانه المعتاد حيث مرور المركبات، ليمارس مهامه في تفتيش الشاحنات الكبيرة والمركبات الصغيرة، الداخلة للمحافظة من خلال السيطرة، والتأكد من خلوها من أي تهديد يمكن أن يلحق الأذى بالمواطنين، أو الضرر بالممتلكات العامة والخاصة.
فجأة سمع رئيس عرفاء عماد، همهمة رجال، وجعجعة سلاح ، وصوت توقف عجلات مفاجئ، وإذا بعجلتين قد ترجل منهما عدد كبير من الرجال المسلحين، الذين بادروه بإطلاق نار كثيف، أمسك رئيس عرفاء عماد سلاحه بكل بسالة، وراح يرد على نيرانهم بقوة، وقد تمكن من قتل أحد المهاجمين مما أدى إلى إنفجار الحزام الناسف الذي كان يرتديه ذلك المهاجم، وقد تمكن من إرباك المهاجمين، والوقوف بوجههم والتصدي لهجومهم المباغت، فلم يلجأ إلى ساتر أو خندق، ولم يرف له طرف، ولم يرتجف منه خافق، ولم يرهبه أزير رصاص ولا صوت بنادق.
تمكن أحد المهاجمين- الإنتحاري الثاني- في المجموعة، من إصابة رئيس عرفاء عماد بإحدى قدميه، ومن ثم قام المهاجمون بتفجير سيارة مفخخة، مما أدى إلى تدمير هيكل السيطرة بالكامل، وإحتراق معظم السيارات التي كانت قريبة من مكان التفجير.
مركبة سياحية كبيرة كانت تحمل عدداً من الزوار الإيرانيين، من الذين جاءوا إلى العراق، لزيارة المراقد المقدسة، من آل بيت المصطفى- عليه وعليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم- وكانت نفوسهم تهفوا إلى لقاء سادتهم ومواليهم، من آل طه؛ جاءوا ليجددوا العهد مع علي والحسين- عليهم السلام- وليقدموا جزيل الشكر، وخالص العرفان، لأبي الفضل العباس- عليه السلام- لموقفه المشرف مع سبط نبيهم الكريم.
صادف مرور هذه المركبة في سيطرة فدك، مع لحظة تفجير السيارة المفخخة؛ مما أحالها مع راكبيها إلى أكوامٍ من رماد، وكانت أصوات صرخاتهم، وإستغاثاتهم، تحاكي صرخات عيال الحسين- عليه السلام- عندما إحرقت بهم الخيام، فهي أيضاً لم تجد لها منقذ أو مجيب.
كان رئيس عرفاء عماد ينزف بغزارة جراء جرحه البليغ؛ الذي سببه إختراق الرصاصة لقدمه، ولكونه يعاني من مرض السكري؛ فقد كانت دماءه تتدفق بكثرة، ولم يتمكن من السيطرة عليها، ولم يجد بقربه سوى الجثث المحترقة، والجرحى الذين شُغل كلٌ منهم بإنقاذ نفسه، وبمناداتهم على الآخرين ليغيثوهم، لذا لجأ عماد إلى الإتصال بأخيه ليخبره بما حدث، وبأنه قد أصيب بقدمه، وإنه بدأ يفقد دماً كثيراً، وإنه يشعر بإعياء شديد، طالباً منه الإسراع في الحضور لنجدته.
شغلته أصوات الضحايا، عن تدهور حالته، وعن آلامه، وراح يراقبهم بحسرة وألم؛ لعجزه عن تقديم المساعدة لهم، وإذا بالقوة المهاجمة من المسلحين وهي تنسحب من السيطرة متوجهة إلى الكافيتريا- دار الإستراحة- وإلى المصلى، حاول رئيس عرفاء عماد جاهداً أن ينهض، كي ينذر الناس، وليلفت إنتباههم إلى الخطر القادم نحوهم، لكنه لم يتمكن من ذلك.
أصوات إطلاق الرصاص، مصحوبة بأصوات المغدورين من الأبرياء، من الذين فوجئوا بسحب الموت وهي تمطرهم بوابل من الرصاص.
نيران تلتهم كل شيء تصل إليه، وأشلاء تملأ مساحات المكان، وتأوهات وأنين الواقفين على شرفات المنايا، وأطفال يصرخون من خوف وألم ويتم، كان ذلك كله على مرأىً ومسمعٍ من البطل الباسل رئيس عرفاء عماد، الذي كان صاحب الرد الوحيد على المهاجمين، والموقف الفريد، بوجه السفلة المارقين من الدواعش.
كان الهجوم عنيفاً، وكان المهاجمون على دراية بما يفعلون، " للأسف الشديد"- قال المقاتل عماد وهو يحدث نفسه – "فأنا أرى إن هذا الهجوم، إنما ينم عن ثقة وإقتدار لدى المهاجمين، إذ ليس من الممكن أن يكون الوضع هكذا، ولا يمكن أن يكون على هذه الصورة مطلقاً."
قال أيضاً وهو يتأمل ما يدور حوله" لابد أن تكون هناك جهات حكومية، أوسياسية ، أو حتى عسكرية- متنفذة- وراء تدبير هذا الهجوم والتخطيط له، وتهيئة وسائل تحقيقه لأهدافه، من قبيل: ضرب المناطق الآمنة، والثأر من أهالي أبطال الفتوى، من الذين تمكنوا من القضاء على داعش، وإجتثاث جذوره إجتثاثاً تاماً، وتضييق الخناق عليه، والعمل على إنحسار مناطق نفوذه بشكل كبير..لاشك- والحديث لعماد- من إن ذلك قد أزال أقنعة الزيف، وسرابيل الخداع، وكشف عنهم مظلة الخيانة،عندما أسقط وهج أشعة الإنتصار على زوايا خبثهم المظلمة." 
لم يتمكن شقيق البطل عماد من الوصول إليه، فقد كان الهجوم كارثياً، والأحداث متسارعة جداً، وكان الموت حاضراً في كل زاوية من زوايا المكان.
أيقن البطل المغوار رئيس عرفاء عماد مسعد جاسم الغزي، بأن أحداً لن يتمكن من إنقاذه، لذا أسند كتفه إلى رصيف وهو يراقب روحه الطاهرة وهي تنساب بكل شرف مع قطرات دمه التي ما إنفكت تسيل.
بدأت عينيه تنعس.. ثم أخذ يغفوا شيئاً فشيئاً، وإذا به يستيقظ على ترحيب ملائكة الرحمن مهنئين له الورود على جنان الخلد والرضوان، وأخذ يرتقي درجات العلى، حيث الشهداء، وهو يقول" ياليت قومي يعلمون، بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك