طيب العراقي
يفترض وبعد مضي 15 عاما على زوال النظام الصدامي، أن الدولة والحكومة والقوى السياسية، قد وضعت أسس العهد الجديد، وأننا قد بتنا في دولة مؤسسات رصينة.
السنوات الماضيات ليست مقطعا صغيرا من الزمن، فالرضيع في بدايتهن أصبح شابا اليوم، ويفترض بعد هذا الوقت الطويل، أن نكون منهمكين في معركة البناء والتقدم؛ الذي فاتنا منها كثير، وأن نكون جميعا بكل قوانا، عقولا وسواعد في خضم المعركة.
لكن الإشارات والرسائل، التي خرجت من الحراك السياسي، الناجم عن الصراع الأنتخابي، تشي بأننا على الأرجح؛ سنتوغل في نوع مخيف، من الفصل بين الساسة والشعب.
الذي يحصل على أرض الواقع، هو تكريس الاحترافية السياسية، المنشغلة بشؤون الدولة كمفتاح لمنافعهم وامتيازاتهم، والمجردة من روحها الشعبية الجهادية التلقائية.
لقد بات الشرخ كبيرا؛ بل أكبر من أن يرقعه مشهد سياسي مبتذل، هو المشهد الذي أنتجته الأنتخابات الماضية، بكل تداعياتها، ولن يفيد الحراك اللا مجدي الذي يجري حاليا، لأنه لن يكون بالإمكان إصلاح الحال؛ بإستخدام ما بأيدينا من أدوات سيئة.
نعني بالأدوات السيئة؛ الحزب الحاكم ومن تشاطأ معه، في الدولة بشقيها الظاهر والعميق، ولا بد من الإعتراف بأن تلك الأدوات، متخلفة جدا عن مواكبة إحتياجات الشعب، فضلا عن فسادها وعدم قدرتها، على مواجهة تحديات صناعة الغد.
ما تم تنفيذه عبر العملية السياسية المرهقة، للسنوات الخمسة عشر المنصرمة، قد أفضى الى ما وصلنا اليه من حال مرتبك جدا، فقد بتنا بين متآمر ومتظاهر، الأول هو الأدوات السيئة التي تريد البقاء معتلية ظهور العراقيين الى أبد الآبدين، والثاني تيار لا يعرف من العمل السياسي غير صناعة الفوضى، التي بدونها لا يستطيع البقاء بالساحة السياسية.
في هذا الصدد فإن الشعب، لا يريد إسقاط النظام الذي إنتخبه، لكن الشعب لم ينتخب دولة إستحواذية؛ لا تهتم عناصرها به، بل تهتم برجالها فقط، كما لا يمكننا قط مواجهة المستقبل، بوضع سياسي مرتبك، كالوضع الذي تريد الجهة الموجهة للتظاهرات، أن تقودنا اليه.
للمتآمرين نقول أننا لسنا بحاجة لرجال همهم أنفسهم فقط، لا يتركون ليومنا ولا لمستقبلنا، إلا الفتات الذي يقضمه فسادهم.
وللفوضويين نقول: أن الشعب يريد وبشكل جدي؛ إصلاحا واعيا معقولا مسؤولا، ولا يريد شيء غير هذا، وليس أكثر منه؛ على الأقل في هذه المرحلة، الشعب يريد السلة أولا، أما العنب فقد أجل قطافه حاليا!
https://telegram.me/buratha
