علي فضل الله الزبيدي
علة تشريع العقوبة لأية جريمة، تحمل غرضين، حيث إن الغرض الأول من سن العقوبة، تكون رادعة للشخص المجرم، على أن تكون العقوبة متناسبة وحجم الجريمة التي الإقترفت، وإلا فلا فائدة من ذلك، أما الغرض الثاني، فهو أبعد من الغرض السابق، من حيث الأثر والتأثير، فعقوبة المجرم رسالة لعامة المجتمع، على إن الذي تسول له نفسه لإرتكاب الجريمة، سوف يكون مصيره العقوبة الحتمية، التي تتحدد وحجم الجرم المرتكب، لذا فالعقوبة حصانة للفرد والمجتمع ولا بد منها.
لقد أبتلي العراق طوال الفترة السابقة، بآفة الفساد المالي والإداري، حيث نخر جسد الدولة من تلك الآفة اللعينة، حتى أخذ الفساد مأخذه، وترك أثارآ سلبية، على كيان الدولة وإقتصادها، كانت عواقبه وخيمة على المؤسسة الحكومية، المدنية منها، والعسكرية، فما سيطرة داعش، على قرابة ثلث مساحة العراق، وإنهيار الوضع الإقتصادي للبلد، وتردي مستوى الخدمات، ما هي إلا نتاج غياب العقوبة الرادعة، للمفسدين الذي عاثوا في الأرض فسادا، فقديمآ قالوا: من أمن العقاب ساء الأدب.
فعند الرجوع للتقاريرالمصرفية والمالية نجد إن قيمة مبيعات النفط، للفترة من عام 2008 إلى عام 2014، بلغت 551 مليار دولار، على إن قيمة العقود الإستيرادية لنفس الفترة، بلغت 151 مليار دولار، الغريب في ذلك الامر، لم تقدم تسوية بالفرق الكبير، بين عقود البيع والشراء، مع العلم إنه في نفس تلك الفترة، قام البنك المركزي ببيع ماقيم7 مليار دولار، تبين إن أغلبية الشركات التي إبتاعت الدولار، كانت شركات وهمية غير مسجلة، وهذا الامر وحده جريمة كبرى، أضرت بالإقتصاد الوطني.
أمام تلك الوفرة المالية، المتحققة في السنوات الثمانية الماضية، وعندما نسمع بوجود عجز في الموازنة العامة، يتجاوز ال20%، لا بد من وقفة شجاعة للحكومة الحالية، وحل هذا اللغز البسيط الشائك، من خلال التوصل لإجابات حقيقية ومقنعة، والسؤال.. أين صرفت تلك الأموال الطائلة؟ التي لم يلحظ المواطن العراقي، أي أثر لها على أرض الواقع، فموازنات مالية إنفجارية، في حكومة المالكي ولولايتين، قابلها إزدياد في نسب الفقر والأمية والأمراض، مع إزدياد نسبة الفساد المالي والإداري، في أغلبية مؤسسات الدولة.
إذن مما لاشك فيه، إذا أردنا أن نعالج أفة الفساد، فلا بد من الرجوع لمسبباته، وحكومة المالكي هي التي تتحمل الوزرالأكبر، وعلى السيد العبادي، أن يعي حجم المسؤولية الوطنية والشرعية، الملقاة على عاتقه، وهو يحظى بدعم المرجعية الدينية الرشيدة، وتأييد الشارع العراقي له، للذهاب نحو إصلاح حقيقي لدوائر الدولة ومؤسساتها، من خلال محاسبة المفسدين، دون النظر إلى عناوينهم وإنتمائاتهم الحزبية والطائفية والعرقية، وتقديمهم للقضاء العادل، وإسترجاع المال العام المغتصب، وإعادته لخزينة الحكومة.
على الحكومة أن تكون أكثر وضوحآ وجدية" وشجاعة، في محاربة الفساد والقضاء عليه، ولا يكون ذلك إلا عن طريق العمل الجدي، وتقويم الإعوجاج في مسار الدولة، التي هي ألان تقف على شفى حفرة من نار، وأمام مفترق للطرق، فلابد من خطط آنية وأخرى بعيدة وستراتيجية، لمواجهة الفساد الممنهج، الذي خط بأيادي خبيثة، أما حالة التسويف والمماطلة، فلا فائدة ترتجى من خلالها بل العكس، سوف تجعل من حكومة العبادي، شريكآ حقيقيآ في جريمة الفساد المرتكبة، التي كلفت الشعب العراقي كثيرآ، وصبر الشعب.. هدوء" سوف تليه عاصفة!.
https://telegram.me/buratha