المقالات

هل يستحق د. علاء مشذوب القتل؟!


محمد كاظم خضير

 

 

تشهد المنطقة تحولات بالغة الدقة والخطورة، تستدعي التنبه لأهمية المرحلة الانتقالية، واعادة ترتيب الأولويات وتحديد ما يجب التخلي عنه وما يجب الاحتفاظ به، من الموروثات الوطنية الجامعة والضامنة للتماسك الاجتماعي، والتي تتمثل بأسباب قيام الدولة الوطنية الحديثة، والمتكاملة مع الانتظام العام في المنطقة والعالم، بعيدا عن مكتسبات وغنائم ازمنة النزاع التي تحكمت بسلطاتنا وشعوبنا على مدى عقود طوال، ولا بد من اعادة النظر في معايير القوة والفشل والنجاح التي اعتمدناها في نزاعاتنا الداخلية ومع أعدائنا وخصومنا، واستعادة منظومة القيم الضامنة لاستقرارنا مع ضرورة اعادة تقييم رأسمالنا البشري والطبيعي وطاقاتنا الإنتاجية على أساس التنافسية بين دولتنا الاقتصادية الاجتماعية ودول المنطقة.

ان كل محاولات الخروج من واقعنا المرير نحو العراق الأمن والازدهار كانت مهمة بالغة الخطورة، تمثلت بالكثير من الاغتيالات رؤساء وقادة روحيين وسياسيين وزعماء ومفكرين مثل دكتور علاء مشذوب وإعلاميين وحزبين ، ورغم تنوعهم السياسي والطائفي والأيديولوجي والمناطقي والتفاوت الزمني بين حقبة وأخرى، الا ان أسباب الاغتيال لدكتور علاء مشذوب كانت واحدة وهي إيمانه ببناء مجتمع العدالة والحرية والسيادة، ورفض الاستتباع والاستعباد والاحتلال والظلم والاستئثار والاحتكار، وأن كل شهداء العراق كانوا يريدون استقرار وتقدم وازدهار العراق .

لا بدّ من إنصاف كلّ تلك القامات العظيمة التي استشهدت من اجل العراق مع الاعتذار عن ذكر الاسماء، يحتم علينا احترام شجاعة مواقفهم ومسيرتهم وتضحياتهم، لأنهم لم يقدموا سلامتهم أو حياتهم أو ثروتهم أو موقعهم على حساب استقرار البلاد والعباد، لان الاغتيال يقع حين تتغلب النّحنُ على الأنا ويذوب الأفراد بالوطن والناس بعيدا عن الأنانيات، ويجسد الفرد إرادة الجماعة ويصبح هو نحن ونحن هو، ويمسي جداراً حصيناً في وجه التخلف والاستبداد والاستغلال، ويستنهض الإرادات النبيلة ويهدد الغايات الرخيصة، حينها يعتقد الطغاة ان الاغتيال لدكتور علاء مشذوب يدمر الإرادات ويحول الإحلام إلى اوهام، ومع كل اغتيال كان العراقيون يكتشف عجز المستبد، فيذهب الجناة إلى مقبرة النسيان، ويعيش الشهداء في وجدان الأجيال، والعراق الآن لا يستطيع مواجهة التحديات القادمة بالمدمنين على الانتهاكات والارتكابات والمحرمات وبيع الأوطان والناس في أسواق الاستعباد السياسي بكل وقاحة وادعاء.

ان تحديات المرحلة الانتقالية بين النزاع والانتظام تحتاج إلى قيادات لا تخاف الاغتيال، لان مجتمعاتنا تعيش في اقتصادات الحروب والنزاع ومغانمه المادية والسياسية منذ سنوات طوال، وتكونت على اساسها مجتمعات ووظائف وامتيازات، وكلها الآن أصبحت فاقدة لأسباب الحياة،وأن بديهيات المرحلة الانتقالية هي طمأنة هذه المجتمعات المهددة بالتحولات القادمة، قبل أن تلجأ إلى الاغتيال وغير الاغتيال، ولا بد أن تبادر النخبة الوطنية الجديدة بإحداث عملية استنفار علمية ومدنية للتفكير بكل أسباب وضرورات الانتظام الاقتصادي والاجتماعي في هذه الظروف الاستثنائية الدقيقة، وبعيدا عن مسرحيات الاعتراض على أهل السلطة وقصة إبريق الزيت الحكومي ومتاهة التوزير وحسن التمثيل، لأن الانتخابات الماضية أصلاً قد جرت في ظروف فاقدة لأسباب الحياة، العراق الآن بحاجة إلى تلك النخبة القادرة على صناعة الاستقرار والازدهار بالإنجازات المتنوعة والمتراكمة والواعدة، وليس بالشتائم والخطابات، نخبة تمتلك قناعات الشهداء الكبار بأن النهوض لا يكون الا بتكامل الإرادات الوطنية بكل مجال واختصاص، أولئك الشهداء الذين كان اغتيال د. علاء مشذوب بمثابة الحكم بالإعدام على الحياة السياسية الوطنية الطبيعية وتدمير مستقبل الأجيال، ويبقى السؤال: هل بقي في العراق من يستحق الاغتيال أو من لا يخاف الاغتيال؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك