علي عبد سلمان
مرة خرج أحد سلاطين أيام زمان؛ مع مجموعة من وزراءه المقربين في رحلة صيد، وأراد أن يثبت لهم بأنه صياد ماهر، فأمرهم بأن يطلقون سهامهم، على سرب من البط قبله، وهكذا كلما خرج سهم من قوس وزير، أصاب بطة سمينة؛ إلا أنه وعندما جاء دور السلطان، أطلق سهمه فطاش بعيداً، وطارت البطة سعيدة بنجاتها! وهنا نظر الوزراء إلى بعضهم بعضا، ثم قالوا في نفس واحد:«سبحان من خلق، البطة تطير وهي ميتة»!..
عندما تنقلب الموازين، يخلد صناع الفكر والرأي إلى اليأس والاكتئاب، ولا يبقى في واجهة المشهد إلا من قيمتهم أصفار (الأصفار جمع صفر)، ومع ذلك تسيدوه! هم صفر في القدرة على الإبداع والتجديد، صفر في القدرة علي خلق مناخ صحي نعيش فيه، صفر في لغة الخطاب السياسي، صفر في لغة المعارضة..صفر..صفر..صفر في كل شيء، ومع ذلك هم كل شيء..
ها هو العراق يسيطر عليه الأدعياء في شتى المجالات، في زمن عنوانه الجهل والسرقة والتزوير، والنتيجة هيمنة اللصوص وأرباع الموهوبين، يتاجرون بالعراق واسم العراق ومستقبله، ولا أحد يرى غير نفسه، بضمنهم من كان له تأريخ فخسره، خلال الأحد عشر عاما المنصرمة، بسبب إنغماسه في حومة السلطان وإمتيازاته!
الشهرة والمنزلة اليوم؛ من نصيب المهرجين والمتآمرين، ولصوص الأفكار وحاملي المباخر والمجامر...عدتهم هي هي، عدة أمثالهم من سالف الزمان..فساد وجهل، تلوث ورشوة وسرقة، قلب للحقائق وتنكيل بالبسطاء، وقسوة على من لا ظهر له، وضحك على ذقون الآخرين.
لقد بنينا شبه دولة، لا أحد فيها وصل لمقعده عن كفاءة واستحقاق، ولا نظام في طريقة إدارتها ولا خطة مستقبلية لها، ولا طموح للعاملين فيها سوى الحفاظ علي مقاعدهم، أما طرقاتها الضيقة فهي مملوءة بالـ "سختچية"، من آكلي العيش بالفهلوة والسرقة والسمسرة، وتخليص المصالح ولي عنق القانون تحت عنوان دولة القانون!
شبه دولة؛ لا مكان فيها للشرفاء، فحال الشرفاء فيها مثل حال موظفي شركة قطاع عام خاسرة بسبب سوء الإدارة، كلما ظهر فيها موظف يود أن يلفت النظر للخسائر، يتم نقله للأرشيف!
لا صوت على صوت الجهل واللصوصية، حتى في وقت العسر الذي نحن فيه اليوم، و ثمة من ينصحون السلطان، وآخرين آخرون يسلطنون النصيحة!
https://telegram.me/buratha