أمل الياسري
أرَخت المرأة الحديدية، مسز بيل سكرتيرة الحاكم الإنكليزي العسكري، السير برسي كوكس، فكتبت 1600رسالة سياسية تأريخية مدونة في أعمالها، التي بلغت 16 مجلداً، وطبعت 40 كتيباً، ونشرت 700 صورة فوتوغرافية، وفي ختام منشوراتها، دونت العبارة التالية: (لن أسعى أبداً لخلق الملوك، في المنطقة العربية مرة أخرى، إنها عملية متعبة جداً)!
الأحلام العراقية ليست صعبة المنال، والتحقيق في أرض الرافدين والمقدسات، فالألم الذي أصاب العراقيين، عميق ومؤثر، لكنه ألم منتج للجهاد والصبر، ويمنح الصلابة في مواجهة الحياة، بيد أن الملك الحاكم المجنون، لا يستطيع السيطرة على أطماعه، لأن صناعة الملوك هذه الأيام، باتت عملية صعبة، فالحرية عنده مشوهة، مملوءة بالتفرد والدكتاتورية!
أهم أسباب الليل السياسي المستديم في العراق، هو أن الملك القائد تسنم مقاليد الأمور، بعيداً عن مضامين العدالة والنزاهة، فحول العراق الى مجموعة غرف مظلمة، تنال كل غرفة نصيبها من التعسف، والإقصاء، والتهميش، تزامناً مع وجود إرهاب، تمكن من عقول بعض الفاشلين، رغم أن هناك فرق كبير، بين الفوضى والتغيير!
المنطقة العربية حافلة، بقصص الشتاء الدموي، والربيع العربي، والصيف الحراري، والخريف السياسي، فنراهم يتساقطون واحداً تلو الآخر، بسبب نزعة الملوكية، والقدرة على إمتلاك لكل مقدرات الشعب، دون الإكتراث بحقوقه ومطالبه، وكل هذا والشعب يدفع الدماء والثروات، لأجل بقاء حكمهم البغيض، فأي ملك عادل منهم يستحق البقاء، في الفصول السياسية الأربعة؟
مسز بيل عرفت بحنكتها وحكمتها، في صناعة قرارات مصيرية، أيام الإستعمار البريطاني، من أجل مصالح دولتها في المنطقة العربية، ولم تجد أفضل من ظاهرة التقسيم، فأنتجت قوى الإستكبار، مزيداً من الملوك الذين يذبحون الأمة، ويخططون لتقسيم العرب الى طوائف وكيانات، ورغم هذا فهي قد وجدت صعوبة، في خلقهم لأنهم فاسدين!
القادة، والحكام، والملوك الذين صنعوا بأيادٍ غربية، لا يمكن السماح لهم بالإستمرار، فهم مثل ساعة متوقفة، على جدار جميل صلب، فتوقيتها الخاطئ نبوءة حزن، ورسالة مفجعة، جعلت الأجيال تستصرخ المستقبل المجهول، وقد عرض حيتان البحر الفاسدين، وأسماك القرش أرضنا وخيرنا للتبضع، في مهرجان الطائفية والإرهاب، فضمير الملك الفذ قد رحل!
الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والمرجعيات الدولية الأخرى، لم تقدم أي ردة فعل لمحاربة الجماعات التكفيرية، التي إمتدت طولاً وعرضاً، ويبدو وكأن مسز بيل نهضت من جديد، لإعادة رسم خارطة العالم الجديد، وفق منظورها الذي ملأت به مذكراتها، لكنها ترفض المشاركة في خلق ملوك عتاة، لا يفقهون شيئاً بسبب مغادرتها الحياة!
الرسائل، والصور، والمدونات التأريخية التي نشرتها مسز بيل، لا يمكن التغاضي عنها، لأنها الأساس الذي بنيت عليه، أفكار حكامنا، وطرق التعاطي مع شعوبهم المقهورة، والتي ما أنزل الباريء بها من سلطان، وعليه فالسرير الذي ينام فيه، الملوك والأمراء مكان ملوث، ومتهم بسرقة إستقرارنا، وخيراتنا، ووحدتنا، فالعرب الأمة الوسط، المنقذة للبشرية جمعاء!
https://telegram.me/buratha