جاسم الصافي
أن اسمى العلاقة التي اوجدها المولى عند البشر هي علاقة الحب , كونها علاقة ارتباط وتكاتف وشعور انساني ليمتاز البشر عن باقي الخلائق بعد ان لم يجد ادم الانيس والونيس له في تلك الجنة التي فيها ما يطيب وما تشتهي الانفس , وهي بالتأكيد لم تكن للغاية الجنسية , والا لكانت حور العين حلا لتلك الرغبة!
بل ان الحب جاء لتوطين الروح في منبتها الانساني الذي تباها به المولى على الملائكة لخلق الدفيء الاسرة وإيجاد مفاهيم المشاركة المجتمعية وجريان المشاعر لمستقرها ومرساها الطبيعي هو أسمى من العلاقات الدنيوية وادنى رتبة من العلاقات الربوبية , لهذا كان لزاما على البشر صون تلك الهبة التي أنعم الله بها علينا جميعا , والعمل على رفعتها وعدم الانزلاق بها لحضيض ما تفعله القطط والكلاب في مثل هذا الشهر , انا لست ضد مفهوم ومشاعر الحب وانتشارها لأنها مبدأ كماليا روحيا وجماليا نفسيا وأنماء عقليا , بل وحق انساني لابد منه
لكن كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده , والحب ان زاد عن محبة المولى هو شرك وتميع مجتمعي وانحلال اسري , اعلم اننا شعب المواويل الذي تستهويه المناسبات الحزينة اكثر من الافراح لدرجة ان مهنة اللطامة ظهرت فينا ولنا منذ الازل , في ترثنا الميثولوجي والحضاري , وفي اعرافنا واشعارنا وحتى في فرحنا فمساحة الحزن اوسع من كل شيء فينا , ومن سعادتي أن تكون هناك مناسبات للفرح على الاقل لتعادل مناسباتنا الحزينة والتي لا تعد ولا تحصى , وان تعم السعادة بين الناس لأنها السعادة الحقيقية التي نفتقدها منذ زمن ,.
هذا ما جعلني اتردد في كتابة هذا المقال كي لا أكون حسودا جحودا متشائما سوداويا ابخل على خلق الله في فرحهم وسعدهم , لكن ما دفعني هو استفحال ظاهرت تزايد الدعاوي الاسرية في المحاكم والانحلال الذي يدب في اوصال المجتمع مثل الوباء وهي علامات لاختلال المعاير وتجهيل المجتمع بتثقيفه لكل ما هو وافد الينا على انه تحضر ورقي وثقافة العالم الاول , وفي مقدمتها الفلنتاين والتي من المفروض ان تكون مناسبة لتجدد علاقة المحبة والوئام , نجدها محفل ومهرجانا وتقليد سنوي يدعو للانجرار وسخف العلاقات الجميلة المبنية على الحب بل وإشاعة الرذيلة على انها تحرر من قيد الاعراف , ومدعاة لهدم اوصر المحبة ونظام الأسرة التي هي نوات المجتمع :
مع احترامي طبعا لكل من تعقل بالحكمة وكبح جماح شهواته وقيد رغباته في حب الاخر دون تجاوز حدو العير ، فأي مجتمع يراد الاستيلاء على عقله الجمعي لا يكون الا في تفكيك او هدم تلك الروابط المجتمعية , من خلال زرع ما هو غريب ومثير ليكون برزخ بين وحدته المجتمعية , وهذا حصان طروادة الذي تسلل الينا من دون ان ندرك ان هناك شعوب مثل الصين واليابان جاورت بين ترثها الذي كان وما يزال حافزا للطاقة المعنوية والاعتزاز بالوطن والمواطنة من جهة ودافع للتحضر والتطور والبناء , وهذا ما يجبرني أن أقول واكشف عن الخبث المستور وراء تلك العادات الدخيل والافكار الهدامة والاعلام المغرض الذي يثقف لنبذ القيم المجتمعية , ولشدة جرعات القادم الينا اصبحنا مجتمع ايل للتفسخ والانحلال على اعتبار انها حرية او تحرر , وان كانت في نظر البعض كذلك فهي بلا رقيب ولا حسيب وهو ما لا يمكن حتى في الدول الاكثر حرية على وجه الارض , كونها جاءت الينا دفعة واحدة مما اربكت سيطرة الفرد على نفسه وعلى اسرته ولم نجد التحصينات للحفاظ على البقية الباقية , بعد فقد الانتظام الجماعي وهو مصدر وحدتنا وتعايشنا وعدم الثقة بقوانين الدولة واعرفنا المجتمع التي كانت قهرية وتعسفية بسبب النظام الذي رسخ العبودية والتمايز الطبقي .
فجاءت ردت الفعل سلبية بطباع السب والتذمر والقدح والتشهير ويشهد على ذلك تظاهراتنا الفوضوية والميتة قبل ولادتها والمحاكم العراقية المليئة بالمشاكل الأسرية والتي تبدأ من ارتفاع معدلات الطلاق وتنتهي بزنا المحارم عاذنا وعاذكم الله واغلبها علاقة الرجل بزوجة صديقة وعلاقة الصديق باخت صديقة وعلاقة المرأة خارج رباط الاحترام والحشمة وعلاقات النت والموبايل الرخيصة والقائمة تطول.
كل هذا لم يأت اعتباطا بل كان ممنهجا لأجل اشاعة فوضى المشاعر وتفسخ الرباط الأخلاقي وانهيار المبدأ الإنساني والمجتمعي القائم على أن حريتك تقف عندما تتعارض مع حرية الآخرين , كل هذا يبين لنا حجم الغزو والفساد السلطوي الذي يتجاهل ويجهل المجتمع بأهمية بالتربية والتعليم التي اصبحت من اخر اهتماماتها .
ان ما يجري اليوم اقتلاع لذلك الحب الذي ارده لنا الله واحلال حب فلنتاين الذي لطخ الجميع بدم لونه احمر على انه مبارك وهو تهيج لمشاعر المراهقين للأقدام على ما يتجاوز المعقول في علاقة الجنس , وليجعلوا منا بالتالي مجتمع قطط يحسن المواء لاجل مشاكل غريزة الجنس والشهوة
https://telegram.me/buratha