علي عبد سلمان
قد يتوهم بعضنا أن الفساد ينحصر بشكليه الإداري والمالي، لكن الحقيقة التي توصل إليها العقلاء، هي أن الفساد بنية متكاملة، إن على صعيد المجتمع أو على صعيد الدولة، وأنه أرث قديم قدم البشرية، وهو فاشٍ في مفاصل حياتنا، ويكاد لا يخلو منه نشاط إنساني، حتى في الدين ثمة فساد، بل ربما هذا النمط من الفساد، هو الأب الروحي لباقي الأنشطة الفاسدة!
العقيدة الدينية تفسد؛ بتسويغها لممارسات الجماعات والأفراد الخاطئة، تحت عناوين القداسة، ولذلك هي أكثر أنواع الفساد خطورة، وأشدها مضاءا في سميته المجتمعية.
فساد العقائد كان موجودا هو الآخر منذ الأزل، لكنه لم يكن بمثل ما هو عليه في زماننا هذا، ولم يكن بمثل هذه الحدة أو العلنية، بل لم يكن يتحرك بمعطيات وبنية منظمة، مثلما هو عليه الآن..
يصبح الفساد الديني، أكثر خطورة بلحاظ قدرته الفائقة، على لي أعناق النصوص، وتطويع الماضي بخدمة تسويق الأهداف الدنيئة، التي يسعى أساطينه الى تحقيقها، في الحاضر والمستقبل القريب.
هذا ديننا صريح العبارة قويها، يمنع قتل النفس التي حرم خالقها قتلها، تحت أي ذريعة، ورسولنا الأكرم صلواته تعالى عليه وآله وسلم يقول: " ادرءوا الحدود بالشبهات"، وبمجرد وجود شك في حيثيات ما يستوجب الحد بسببه، يتوقف تنفيذ الحد بشكل تام، وللنظر في قول رسولنا : "إن الإمام أن يخطئ في العفو، خير من أن يخطئ في العقوبة"..
أ فبعد هذين النصين الصحيحين الصريحين، مجال لفاسد عقيدة، من رجال التكفير، من باب ينفذون منه، لتسيوغ فتاوى القتل بالجملة؟ بل أنهم يفتون بقتل من هو غير معنون بذاته، أي أنهم لا يفتون بقتل فلان من الناس، لأنه أرتكب الجرم الفلاني، لكنهم يفتون بقتل مجهولين وعلى العنوان العام، لأنهم شيعة مثلا، كما أفتى بذلك بلا إستبطان أو تمويه، شيوخ الضلالة الوهابية.
بسبب خطورة فساد العقيدة الدينية، فإنه لا يجب منح أي نوع من أنواع الحصانة، تحت أغطية القدسية الزائفة، وإذا أراد مجتمعنا المسلم، أن يعالج آفة الفساد العام، عليه أن ينتزع الحصانة، عن المتدرعين بدروع الدين المؤوَل!
إن الوهابية ليست عقيدة دينية، بل هي منهج همجي للقهر وإذلال البشر، وقيادتهم بإتجاه الظلام الدامس، ولأنها كذلك، فإن على العالم أن يتحد في مواجهتها، وأن يرتب أوضاعه كي يهزمها، وهذا لن يتحقق قطعا بالسياسات الملساء، التي درجت عليها دول العالم، ومنها دولتنا بدعوى الإنفتاح!
اللهاث على علاقات منفتحة مع دولة الشر الوهابي، لن يكون في صالحنا، وسنحصد منه الخيبة والخسران، وستثبت الأيام أن أول من يكتوي بشرورها، هم اللاهثون أنفسهم!
https://telegram.me/buratha