حيدر السراي
بخلاف ما يعتقد الكثيرون من وجود تباين بين فكر القائدين الفذين الامامين الخميني والسيستاني ، انا من الفئة التي تعتقد اعتقادا جازما بأن اوجه الشبه كثيرة جدا ما بين هذين العلمين .
الامام الخميني استطاع تأسيس دولة اسلامية ، لأن المجتمع الاسلامي في ايران كان قد تربى على مدى اربعين سنة على يدي الحوزة في قم المقدسة قبل الثورة ، بدءا من الشيخ المؤسس عبد الكريم الحائري ومرورا بالسيد حسين البروجردي وانتهاءا بفجر الثورة الاسلامية على يدي روح الله العظيم ، فالامام الخميني جاء لمرحلة الحكومة الاسلامية حيث الامة كانت جاهزة لهذا الاستحقاق ،
في العراق هنالك بعض الاختلاف ، فتأسيس الحكومة (ذات الطابع الاسلامي الحزبي) تم قبل ان تكتمل مقومات بناء المجتمع الاسلامي ، وان كنا نحن العوام غافلون عن ذلك فأن العقلية العظيمة للامام السيستاني لم تكن لتغفل عن مثل هذا التفصيل الدقيق والجوهري في تحقيق حلم الانبياء ، ولذلك كان على الامام السيستاني اولا ان يحافظ على الطابع الاسلامي للدولة من خلال الاساس الرصين وهو الدستور ، مع وضع المنهج التفصيلي المتكامل لعملية انشاء الامة الاسلامية التي يتعين عليها ان تحمي الهوية الاسلامية من خلال الدستور وانتخاب الحكومة الاسلامية ، وهدف كالذي نتحدث عنه يحتاج الى اربعين سنة على الاقل من السنوات التي تربى فيها اطفال ايران الذين اصبحوا فيما بعد رجال الثورة . لذلك كانت الحكومة الاسلامية في فكر القائد العظيم السيستاني هي هدف مؤجل الى ان تتربى الامة على ذلك .
ما اؤمن به شخصيا ان الدولة الاسلامية هي هدف جوهري اوحد لدى السيدين العلمين الخميني والسيستاني ، لكن اختلاف الظروف ما بين البلدين تجعل من المستحيل تطبيق نفس السيناريو ، هكذا يجب ان نفهم عقلية القيادة الشيعية المباركة ...
وانني لاعجب من التعامل مع خطب الجمعة في العتبة الحسينية على انها مواعظ وارشادات للشعب والحكومة فقط ، اتابع هذه الخطب منذ عدة سنوات ومن خلال نظرة شمولية لكل هذه الخطب يتبين بوضوح ان المرجع الاعلى الامام السيستاني يعمل على تربية الامة الاسلامية من كل جوانبها ولو جمعت هذه الخطب بصورة متسلسلة لم تكن سوى نسخة طبق الاصل من الولاية العامة للفقيه في كل عصر وزمان ، مع اختلاف طريقة الطرح واسلوب التوجيه والذي يعتبر ضروريا بسبب الاختلاف في طبائع الشعوب والامم
حديثي هنا ليس للسطحيين المأزومين الذين لا ينظرون لأبعد من يومهم وشهرهم ، وانما هو حديث لمن يغوص في اعماق المفاهيم ويدرس الظواهر دراسة تأمل وفهم ، وما نقوله الان على الرغم من انه قد لا يكون واضحا لعامة الشعب العراقي الا انه واضح بصورة كبيرة للعدو الامريكي والصهيوني واذيالهم في المنطقة ، وهم يعدون العدة منذ الان للمواجهة المقبلة مع المرجعية الدينية العليا في العراق ، وان كان العدو لا يحب ان يظهر عدائه للمرجع الاعلى الا ان فلتات لسان المتحدثين بأسم العدو تكشف لنا مدى الرعب من تكرار التجربة الايرانية ، واخر هذه التصريحات هو تصريح السيد (اياد جمال الدين) الذي قال فيه بكل صراحة : لماذا يصنع العراقيون من السيد السيستاني خمينيا اخر؟!
https://telegram.me/buratha