أكرم الحكيم *وزير سابق
يختلف الشعب العراقي وقواه الوطنية مع الأدارة الأمريكية في هذه المرحلة في رؤاها ومواقفها تجاه ملفات ومواضيع أساسية وهامة , من أبرزها :
# طبيعة النظام السياسي المطلوب بنائه في العراق ,وطبيعة المعادلة السياسية الأجتماعية ومنظومة الأفكار والقيم الأخلاقية التي يجب أن تسود في هذا النظام.
# الموقف من المجموعات الأرهابية وبقايا النظام البعثي السابق التي تقاتل النظام الجديد.
# الموقف من القوى الوطنية والشرائح الشعبية العراقية التي ترفض الوجود الأمريكي في العراق.
# الموقف من السياسات الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة العربية والأسلامية وتجاه دول الجوار العراقي وتجاه الكيان الصهيوني..
أن أغلب مفردات الملفّات والمواضيع المشار اليها أعلاه ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بملف الأمن الداخلي للعراق ,ولايمكن بناء شراكة أمنية حقيقية مع الولايات المتحدة الأمريكية (اومع أية دولة تشاركها نفس رؤاها ومواقفها تجاه العناوين الأربعة اعلاه) باستمرار الخلاف الجذري معها حول تلك المفردات والملفّات ...ولهذا يكون فك الأرتباط معها شرطا أساسيا لنجاح أستراتيجية وطنية جديدة لتحقيق الأمن والأمان في العراق. أمّا ما يثار هذه الأيام حول حاجة العراق الى المدرّبين الأجانب (ومع علمنا بوجود مبالغة في طرح الحاجة بسبب ضغوط خارجية)، فأننا نقول بأن العصر الراهن هوعصر غلبة المال على السياسة بسبب الأزمة الأقتصادية العالمية ,والدولة الغنية التي لديها أموال (كالعراق) سوف لا تجد صعوبة في أيجاد من يبيعها السلاح الجيد والمتطوّر ويزوّدها بالمدرّبين المناسبين...ومن يريد حصر الملف بالعروض الأمريكية, فهو أما جاهـل أو تابع للسياسة الأمريكية...!
ثالثا ــ الأعتماد فقط على العراقيين الوطنيين الذين كان لهم شرف التصدّي لمقاومة النظام البعثي البائد، في مسك المواقع القيادية والمفاصل الهامة في المؤسّسة العسكرية والأجهزة الأمنية الوطنية وخاصة أذا كانوا من مراتب الجيش والشرطه الذين كان لهم شرف الأنشقاق عن النظام البعثي البائد مبكّــرا والالتحاق بالحركة الوطنية العراقية,أوحتى تحوّلهم الى معارضين مستقلين في وقت كان النظام البعثي البائد في ذروة قوّته وجبروته (وبغض النظر عن الانتماءات القومية والدينية والمذهبية والسياسية لأؤلئك الضباط والجنود الأحرار), ولا يسمح لمن كان في حزب السلطة البائدة ومهما كانت درجته الحزبية أن يعمل في المؤسّسة الأمنية الوطنية أو في المواقع القيادية والمفاصل الهامة والمحورية في المؤسّسة العسكرية، وأثبتت السنوات العشرة الماضية خطأ وخطورة التساهل في هذا الموضوع الحسّاس ومهما كانت المشكلات الأمنية التي يعيشها البلد.. ولنبدأ بجد ومن الآن (بعد أن ضاعت عدة سنوات) وسوية بالتعاون لبناء قواتنا ومؤسّساتنا الأمنية والعسكرية الوطنية الجديدة من الشباب المخلص المؤمن بقيم النظام الجديد(وما أكثرهم)ويتم أحالة القدماء على التقاعد (وتأمين عيش كريم لعوائلهم) ليستريحون و’يريحون..أما الكفاءات المتميّزة من المؤسّسة العسكرية السابقة ..من الذين لم تتلطّخ أيديهم بدماء العراقيين ولم تمتليء جيوبهم بالمال الحرام ولم يعملوا مع المجموعات الإرهابية أومع دوائر أمنية إقليمية تدعم تلك المجموعات...مثل هؤلاء يمكن أن تضمّهم لجان وهيئات أستشارية للأستفادة من خبراتهم على أن لا يكون لتلك الهيئات أية صلة ميدانية بالقوات العسكرية وحركتها على الأرض .
على الحكومة العراقية وقيادات القوى الوطنية المشاركة فيها أن تدرس وبجدية وضمن أولوياتها، موضوعا في غاية الأهمية وله صلة ببرامج الأصلاح في كل المجالات التي تعاني من أزمات ومشكلات (المجالات السياسية والأمنية والأقتصادية والأجتماعية وغيرها),وهو موضوع (خصائص وطبيعة العناصر البشرية المطلوبة لأدارة وتنفيذ برامج الأصلاح الحكومية...وبكلمة أخرى ماهي الشروط المطلوبة في نخبة المسؤولين والموظفين المطلوبين لإنجاح البرنامج الحكومي وإنجاح خطط وسياسات الحكومة لمعالجة المشكلات وإدارة الأزمات التي يعاني منها الشعب وتعاني منها الدوله...؟),في قناعتنا أن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولحد الآن تعاملت مع هذا الملف أما بشكل ارتجالي دون خطة ودون رؤية..أو تعاملت من منظور السعي لزيادة النفوذ الحزبي في الدولة أو السعي لتصفية أو تقليل نفوذ القوى السياسية المنافسة لها أو المتصارعة معها، ونعتقد أن التعامل الأرتجالي كان هو السائد في أغلب الحالات ويمكن أن نتخيّل حجم الأضرار الناتجة عن هكذا منهج, خاصة إذا عرفنا بأن الجهاز الإداري الحكومي الذي ورثه النظام الجديد من النظام البعثي البائد، لا يتمكن أطلاقا أن ينهض بالمهام والمسؤوليات التي تنبثق عن برنامـج الحكومة وعن خطط الأصلاح وحل الأزمات ..! وذلك بسبب الفساد الضارب الأطناب وانتشار حالة اللامبالاة وضعف الشعور بالمسؤولية(خاصة مع ملاحظة عدم معاقبة الفاسدين وتعيين الفاقدين للمؤهّلات والمحاصصة الحزبية..)وكذلك اختراق العناصر المعادية للنظام الجديد للكثير من دوائر الدولة ومفاصلها المؤثـّرة.
https://telegram.me/buratha