المقالات

دعاء..ودم 

1652 2019-02-22

 

أحمد لعيبي

 

كانت السماء ملبدة بالغيوم والكهرباء كعادتها منطفئة وليل جزيرة سامراء بارد جدا والصواريخ تأتي وتروح مثل ام ولد تنتظر جنازته امام ثلاجة الموتى..!
تسلل الى مسامعي صوت حزين ممزوج بالدمع (هيهات أنت أكرم من أن تضـيع من ربيته ..أو تبعد من أدنـيته ، أو تشـرد من آويتـه )..كان صوتآ متصلا بالسماء ويبعث على الدفء رغم البرد ووحشة ليل سامراء ..دنوت منه بهدوء مثلما يدنو المعلم من طالب يمسك ورقة الامتحان..!!
كان يصرخ من كل قلبه ..وما ان احس بوجودي حتى سكن بكائه وبقي بالقراءة يسترسل الى اخر الدعاء ..ثم التفت الي قائلا ..تقبل الله يا صديقي 
كانت يده باردة ووجهه ساخنآ ..
جلسنا الى جنب بعضنا دون ان نتكلم وبعد صمت طويل قال لي ..كنا في الخميس الماضي اربعه نقرأ دعاء كميل هنا بصوت واحد ...وليلة امس وقعنا في كمين للدواعش عندما كنا نقف في نقطة وسط الجزيرة فطلب منا الدواعش ان نسلم انفسنا فقام ابو طالب وهو اكبرنا وقال لهم نحن اربعه ومفخخين لماذا لا تأخذون واحدا منا وتظمنون سلامتكم ..
يبدو انهم كانوا يريدوننا اسرى وليس قتلى فقال احدهم نوافق ولكن بشرط ناخذ اثنين ونترك اثنين 
والمشكلة اننا تخاصمنا على من يذهب ومن يبقى ..
فكل واحد منا يريد ان يذهب بدل اخوته ..
ابو طالب له اربعة اولاد اثنان منهم جرحى واحدهم مفقود وكاظم الذي خطب قبل ان يلتحق وكان يراسل حبيبته وقت الكمين وجهاد الذي لديه اربعة بنات وزوجته حامل بولد لم يره للان ..وانا مرتضى تزوجت قبل شهر ونصف ..
اخترنا طريق القرعة كحل يرضى به الجميع واكتشفنا ان ابو طالب وضع اسمه مرتين كي يكون هو الاسير ونحن نعود ..
وبقي النقاش مشتدآ بيننا حتى قررنا في اخر المطاف ان نواجه ..
كانت ثلاثة همرات وسيارة بيكب واشخاص على دراجات ونحن اربعة وسط الجزيرة ..
حمل ابو طالب رمانته اليدوية واراد ان يلقيها عليهم ولكن القناص ضربه بقدمه وما ذهب كاظم ومرتضى لسحبه حتى رماهم القناص فاستشهدوا في الحال وبقي ابو طالب مضرجا بدمه وهو يصرخ علي ان لا تأت الي ..بقيت لا اعرف ما افعل وقد جاءوا صوب ابي طالب الذي فتح صاعق الرمانة ورماه عليهم ..
اصيبوا بالذعر وامسكت البي كي سي ولكنهم هربوا لان طيران الجيش كان قد كشف موقعهم ..
اقتربت من ابوطالب وكان في رمقه الاخير ..فقال لي ..عمي ترة ابني شهيد مو مفقود وان كلت لأمة مفقود لان اخاف عليها وكول لولدي لا يدورون على اخوهم اني شفت جثته قريبة على خط اللاين ودفنته ...استشهد ابو طالب بعد ان دلني على جثة ولده ولكني اكتشفت ان ابو طالب كان مصابآ بالقلب والضغط والسكر ...وان ولده الشهيد مصاب بالروماتيزم ..وقلت مع نفسي اي اناس هؤلاء يحملون احزانهم وامراضهم وفرحة اطفالهم الى السواتر فيما يبخل البعض بشكرهم وليس الوقوف معهم ..لله درهم من رجال ..
مرتضى بعد تسعة اشهر رزق بطفلة اسماها آلاء تقول امها انها تشبهه كثيرآ في كل ملامحه لكنها ولدت يتيمة ...!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك