احمدحسن العراقي
سأروي ما حدث .. باللهجة العراقية
صعدت بالسيارة اللي هي نوع كية ..ولفت إنتباهي وجود رجل كبير في السن يرتدي الزي الجنوي العقال والعباءة وبيده عصاه التي يتوكأ عليها .. وفي وجهه كل تجاعيد حضارة سومر .. مروراً بعشق اهل البيت ..عليهم السلام ..
وخلفه مباشرة كان يجلس شاب في منتصف العشرينيات من عمره .. بدا من مظهره وحركاته والفاظه وحتى ملابسه انه يريد ان يقول : ( هذا انا هل تشاهدونني أيها الناس انا هنا .. ) ..
فهو يرتدي تيشرت احمر .. ويضع قلادة كبيرة في رقبته .. كما ان شعره المتدلي على عينيه .. وسيجارته التي يضعها في طرف فمه .. كلها توحي الى شخصيته ..!!
وما ان جلست .. وتحركت السيارة حتى بدا هذا الشاب بالثرثرة .. قائلا :
خلوا الناس تعيش ..شتريدون منه .. اللي يروح لبار العرگ يشرب خليه براحته .. واللي تريد تفتح بيته ملهى .. براحته مو من حقك تعترض او تمنع .. هذا الشي .. انت متحاسبه ..!!
ثم اكمل قائلا : اهم شي الإنسانية ..عوفك من يا دين ومن يا مذهب .. كله كلاوات .. تره ما كو شي اسمه شيعي وسني ومسيحي ومسلم .. اصلا حتى اللي يعبد البقرة هم دينه صحيح ..!!
وبدا على الركاب التضايق من ثرثرة هذا الشاب التي لم تكن لها مناسبة ولم يتحدث معه احد .. ولم يدخل اي واحد من الركاب معه في نقاش ..
لكن فجاة .. التفت الرجل العجوز الى هذا الشاب وقال له : انك عبارة عن خليط مشوه ومتناقض من الافكار .. إنك تماماً كعالمنا اليوم المليء بالتقيحات التي تشبه الى حد كبير ما تقيأته قبل قليل ..!!
ساد الصمت لثوان عديدة وعاش الركاب لحظات الدهشة من فصاحة هذا الرجل العجوز الذي يرتدي العقال ..
وعاد الرجل العجوز ليكمل حديثه مخاطبا هذا الشاب ..
فقال : كان هناك عشرات الألاف من امثالك ..كانوا يحيطون بالإمام علي عليه السلام .. وشهروا سيوفهم في وجهه ولم يستطيعوا ان يفرقوا بين الإمام علي وبين معاوية ..!!
كما كان هناك عشرات الالاف من امثالك قد احاطوا بالإمام الحسين عليه السلام .. وناصروا يزيد بن معاوية ..
انت وامثالك سبب كل نكساتنا ونكباتنا على مر التاريخ .. وستبقى كلماتكم المقرفة التي ترددونها على طول خط التاريخ ( نريد نعيش احنه شعلينه ..) هي ذاتها التي تكررونها في كل موقف .. لكنكم مع ذلك لن تعيشوا .. ولم تتركوا بحالكم. .
انتم تعيشون ضايعين .. وتموتون ضايعين .. !!