حيدر السراي
في الثامن من اغسطس عام 1998 سيطرت قوات طالبان المدعومة سعوديا واماراتيا على مدينة مزار شريف شمال افغانستان ، المدينة التي تمثل الثقل الشيعي في افغانستان ، وفي ذلك اليوم تمت محاصرة القنصلية الايرانية هناك ومن ثم اقتحامها وقتل 12 دبلوماسيا وصحفي ايراني في موقف يتجاوز كل قيم المرؤة والشرف.
بقي مقتل الدبلوماسيين سرا لعدة ايام وطالبت الحكومة الايرانية طالبان بالكشف عن مصير الدبلوماسيين ، لكن طالبان نفت بصورة مكررة اي علم لها بمصيرهم!
وصل الامر الى مرحلة الحرب الحتمية وتحشد 100.000 جندي من الجيش الايراني على الحدود مع افغانستان استعدادا لشن الحرب ضد طالبان ، في ذلك الوقت اعتبر المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني بغالبية اعضائه ان طالبان تمثل تهديدا خطيرا لأمن ايران والمنطقة.
صوت غالبية المجلس على شن هجوم عسكري ضد طالبان ، وكانت الحرب على وشك الوقوع.
ووفقا للمادة 176 من الدستور الايراني فإن لدى قائد الثورة حق الفيتو على قرارات المجلس ، الا ان الامام الخامنائي قلما كان يستخدم هذه الصلاحية وكانت العادة الجارية هي الموافقة على قرار المجلس.
اخيرا رفع التقرير النهائي لقائد الثورة وفوجئ الجميع بفيتو الامام ضد التدخل العسكري في افغانستان وبقي الامر محيرا للجميع في حينها.
ماذا حدث بعد ذلك ؟؟ بعد مرور اربع سنوات فقط حشدت امريكا حلف الناتو وكل ترسانتها العسكرية لخوض حرب اسقاط طالبان عام 2001 ، واستنزفت امريكا واوروبا عسكريا وما زالت تستنزف في حرب مستمرة وطويلة منذ 18 سنة في افغانستان.
كانت رؤية وبصيرة القائد الخامنائي واضحة وجلية وهي ان طالبان ليست سوى طعم لاستنزاف ايران واستنفاذ قوتها العسكرية واشغالها في حرب لم يحن حينها بعد ، فضلا عن ان طالبان ستصطدم بامريكا والغرب عاجلا ام اجلا ، فلماذا تخوض ايران حربا لصالح امريكا وتقذف بذخيرة شباب الامة في حرب لا منتفع منها سوى امريكا والكيان الصهيوني وحلفائهم المحليين.
احداث الارهاب التي تطال ايران من داخل الحدود الباكستانية وبدعم السعودية لا يمكن ان تجر ايران الى توقيت لا تريده لخوض المواجهة ، ولذلك يبدوا من الواضح ان ايران اليوم هي سيدة القرار في تحديد موعد الحروب وخوض المواجهات الحاسمة ، من المؤكد ان المواجهة قادمة ، لكن من المؤكد ايضا ان حكمة القيادة الايرانية ستجعلها هي من تختار الميدان والتوقيت ، ومن المؤكد ايضا وايضا ان الصبر الايراني ليس صكا على بياض ولله امر هو بالغه.
https://telegram.me/buratha