أمل الياسري
(للماضي حنين جميل جداً، ولكن ليس له رجوع مهما بلغت روعته أو قبحه، فالماضي للعبرة والإستفادة وليس للتفاخر فقط) كما يقال عبارة دقيقة عن كيفية البقاء في القمة، لأنها أصعب من الوصول إليها، وهذا لا يتم إلا بالنظرة الحقيقية للماضي، فالذي يريد أن يكون لاعباً ماهراً في المشهد السياسي اليوم، عليه أن يهيئ تطبيقاته المستندة على دروس الماضي، وينزل للميدان ليستوعب جميع الأمور، وليطالب بأن يأخذ كل واحد حسب إستحقاقه، بدلاً من مزامير البعثية المقيتة.
ليس منطقياً أن نكتفي بالنظر الى تجارب الماضي، بل يجب أن نستلهم العبر منها، لتعطينا مساحة من من النجاح، والفرص الفاعلة لتحقيق خدمة واقعية، ثم أن أهم مدخل للنجاح هو الإتفاق على الثوابت، ومنها أن الماضي هو تراثنا الذي نعتز به، والإقدام على الإستفادة من تجاربه، يعني أننا نقف على الطريق الصحيح، وفق نهج يقودنا الى مستقبل مشرق، لا أن نسمح للاعداء أن يصادروا حاضرنا، كما حاولوا مصادرة ماضينا التليد، ليمنعنونا من رسم مستقبل لأجيالنا.
علينا ألا نتسامح مع مَنْ يستغل تأريخنا ودماءنا، خاصة وأن هناك أصوات نشاز، تتباكى على عقود مضت للخفافيش والطغاة، المصابة بجنون العظمة، مع أنها كانت على حساب أجسادنا وعقولنا، لذا لن نتحجر أمام دوران الزمن، فمن المفترض أن تتراكم الأشياء الصحيحة بمسيرتنا، لتكون إرثاً طيباً للأجيال القادمة، ليعالج مشاكل الوطن والمواطن، وينظر نظرة واقعية لما يجري في البلاد، ولما يحتاج اليه المواطن بواقعه الخدمي، وهذا هو المنطق الصحيح، الذي يفضي لقراءة صحيحة حول تجارب الماضي.
يجب الإلتفات الى أن طي صفحات الماضي وحفظه، لن يتم إلا بعد تحقيق العدالة الكاملة وإنصاف المظلومين، أما مَنْ يخلط الأوراق ويتجاهل الاخطاء متعمداً، ليستفيد من هنا أو هناك، فهذا يسيء الى نفسه ولوطنه ولشعبه، كما أنه يمكن أن تحدث الأخطاء في الماضي، فهل يعقل أن نكررها أو نُصِر عليها، حتماً ليس هذا منطقياً، ولا عزة ولا كرامة لمثل هذا المنطق، أيها الساسة: هلا قرأنا تجارب ماضينا بشكل صحيح وصريح، وإلا فما ربك بظلام للعبيد.
https://telegram.me/buratha