حيدر السراي
من الظلم ان نفسر ما حدث منذ قيام الثورة الاسلامية وحتى زلزال فتوى الجهاد الكفائي وما بينهما بأنه حدث مرحلي لا ينطوي على اي مقدمات تاريخية ، ذلك ان هذه النظرة لا تأخذ بعين الاعتبار التاريخ الشيعي وما عصف بالتشيع من محن والام.
كان الخروج الشيعي الاخير الذي عرفه التاريخ قبل الثورة الاسلامية هو خروج الامام الحسين عليه السلام ، باعتباره القيادة العليا للتشيع انذاك ، واما ما تلا ذلك التاريخ من ثورات وقيام دول شيعية فقد كانت في الغالب زيدية او اسماعيلية ولم تكن اثنا عشرية ، ومن المثير ان نعرف بأن الاثنا عشرية كانوا يمثلون الاقلية من بين كل الفرق الشيعية انذاك في الوقت الذي كان غالبية الشيعة فيه من الزيدية وتليهم الاسماعيلية
ومن هنا وبعيدا عن التأويلات الغيبية للموضوع يبدوا من الوضوح بأن غيبة الامام الثاني عشر فرضتها ظروف الضعف الشيعي الاثنا عشري انذاك ، ولم يكن الشيعة قادرين على اكثر من الدفاع الفكري عن عقيدتهم وبلغت التقية ذروتها في زمن الامام ابي محمد العسكري عليه السلام ، فاذا كان امام الشيعة لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، فلكم ان تتصوروا مقدار الضعف الذي مرت به الطائفة المرحومة انذاك
ومن هذا المنطلق نؤسس لحقيقة مهمة جدا وهي ان الشيعة الاثنا عشربة وعلى مدار تاريخهم ، لم يخوضوا كفاحا مسلحا الا للدفاع عن انفسهم عندما تتعرض مدنهم واوطانهم للخطر مع ان تلك الدفاعات كانت بالنيابة عن الدولة التي تتبنى المذاهب الاخرى وليس المذهب الشيعي وبالمحصلة فإن هذا الدفاع كان عن الحكومات السنية القائمة على مدار التاريخ
تلك الستراتيجية الدفاعية التي استخدمها الشيعة ، والصراع الفكري الذي خاضوه كان ضروريا للحفاظ على المورد البشري الضئيل للتشيع الذي هو ذخيرة اهل البيت عليهم السلام فإن احد اهم عوامل تحقيق النصر في أي كفاح مسلح هو توفر الموارد البشرية ، وبينما استنزفت الزيدية والاسماعيلية مواردها البشرية بقيامها المبكر تحولت تلك المذاهب الى اقليات صغيرة في بلدانها بينما اتسع التشيع الاثنا عشري واصبح الغالبية في بلدان كالعراق وايران والبحرين واقليات كبيرة في بقية البلدان ، وهذا هو الفرق بين القيادة الشيعية المتمثلة بالفقهاء وبين قيادات بقية الفرق والطوائف ، ويمكن القول بأنه بعد الف سنة من قرار عدم خوض الكفاح المسلح ظهر الشيعة اليوم على المستوى الاقليمي كأكبر قوة تمتلك الموارد البشرية لخوض اي صراح مسلح.
بناءا على ما تقدم يمكن القول ان قيام الثورة الاسلامية في ايران وعودة المرجعية العليا في النجف الاشرف الى موقع القيادة الشرعية للشعب العراقي وصدور فتوى الجهاد الكفائي وتأسيس الحشد الشعبي والانتصار الكبير على داعش وخروج الشيعة للقتال في سوريا ولبنان والبحرين واليمن كلها تمثل ثمرة الانتظار والصبر الستراتيجي الذي اتخذ منذ عهد الامام السجاد عليه السلام وحتى قيام الثورة الاسلامية المباركة ، ولولا هذه الستراتيجية لتم القاء الشيعة في مغامرات تاريخية مهلكة تنهي وجودهم وتحولهم الى اقليات منكفئة على نفسها كما هو الحال مع الاسماعيلية والزيدية
وان القيام الشيعي المبارك يعني بأن القيادة الفقهية وصلت الى قناعة تامة بأن الشيعة اليوم يمتلكون كل مقومات الانتصار ، وان مرحلة الانكفاء قد انتهت بعد ان انتفت مبررات وجودها
اخيرا ، نبشر جميع المؤمنين بأن الانعطافة التاريخية للتشيع وتحوله من موقع الصراع الفكري الى السياسي والعسكري سيكون سببا ايضا للظهور المرتقب لصاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفدا ، بعد ان كان الضعف الشيعي سببا لغيبته... ولله امر هو بالغه
https://telegram.me/buratha