أمل الياسري
أحلام مشلولة لا تستطيع أن تقطع مسافة العقل، لتتحدث بجرأة وصراحة، فمدونة الموت تمزق الأجساد، وألة فرم مجاني تجيد موهبة القتل الجماعي، بإسم الوحدة، والحرية، والإشتراكية، وقائد ضرورة يعشق رائحة الدم، ويمتطي صهوة الجنون والحروب، فباتت المذابح نظاماً يومياً في العراق، فعاشت الفروسية ولكن ما من فرسان، سوى مَنْ سكن الوطن فؤادهم لأجل التغيير، إنه صانع الحرية في زمن الظالمين، نرجو لقاءه بعد الهجرة والغربة، لكنه قالها بقوة: مرحباً بالشهادة في سبيل الوطن، فأعلن الإنتصار.
كتلة من الأخلاق الناطقة بالحق، ونهر لا ينضب من العطاء المستمر، إمتدت يوم نبغ في دراسته، وهو ما زال في سن الثانية عشر، كان يحمل شجاعة حيدرية، وظلامة فاطمية ونفس حسنية، وصولة حسينية، لم تأخذه في الحق لومة لائم، وكأن مسيرة كربلاء عنده لا تتوقف، عكس بعض الساسة الذين يتلونون مع الأجواء، فشهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، حمل كل عنوان للعدالة، والإنسانية، والمحبة، وقد وجد نفسه ملزماً بمواجهة التحديات، تاركاً بيننا صرخة هيهات منا الذلة.
بين سجلات الزمن وأوراق التأريخ، تجد قضايا جهادية عميقة، حركت أجيال الحاضر، وأشعلت فيهم جذوة المواجهة مع الطغاة، فتوجهوا للحقيقة بفطرتهم، مؤمنين بأن العمامة المقدسة التي تركها شهيد المحراب، ظهيرة الأول من رجب 1424 للهجرة، كانت تتمة للدولة العادلة، فقد وهب جسده الطاهر وسط أجواء الصحن العلوي، ليسكن سماء مقبرة وادي السلام، وليعلن أنصاره أن أول رجب هو فرصة، لخلق بدايات جديدة للأحرار، ليرزقوا خير الدنيا والآخرة، فأي نصر تحقق يوم رحيلك يا أبا صادق؟
رحلة مجد لا يضاهى صوب عنوان االقداسة، فلا آثار لدماء بل كانت آثار ذوبان وعشق إلهي، لتسمو روحه في عليين، أما أسراب التخدير الإعلامية، والتي غيبت هذا الحدث، ولم تسلط الأضواء عليه، بل ركنته لتنظيم القاعدة وحسب، فلم يعلموا أن جرحه الكريم تلك الظهيرة، زادتنا إقتراباً منه ومن محرابه الطاهر، معلناً إنتصار الحياة على الموت، والحق على الباطل، فمفاتيح الحرية الحمراء سنفتح بها مخاوفنا، ولن يردعنا شيء مادام الأمل فينا ما حيينا، والعاقبة للمتقين.
محنة الأول من رجب تلك الظهيرة الصائمة، ولّدت فينا إنتصارات رائعة رغم ألم الفراق، لكن رجالات آل الحكيم يصنعون الفنون، بعصور طينية عراقية حمراء، تخطها أجسادهم الطاهرة، ليرسموا خارطة عشق أبدي للعراق، فما خلت ساحته يوماً من قادة الدين، والفكر، والعقيدة، فللبيت رب يحميه، وقد أنجب فطاحل أفذاذ، إنتصرت على أيديهم جحافل التضحية والفداء، على زبانية الكفر والظلم، فلله دَّركَ ياحكيم، حينما أنطت لثامكَ، وشمّرت ساعدكَ، وإمتطيتَ الشهادة صوب الجنة، فعبدتَ ربك حتى آتاكَ اليقين.
https://telegram.me/buratha