امل الياسري
طقوس ثورية في الظلام وراء أبواب موصدة، وإله الحرب والقمع يحكم حركة المجتمع العراقي، وسط ظروف شديدة التعقيد، فالأرصفة مليئة باللون العسكري، والبلد ينزف ألماً، لكن نافذة الأمل أشارت الى واحة لم تهتز قناعاتها، طيلة أربعين عاماً خافها الطاغية المقبور وأزلامه، وهذه الواحة إمتلكت علاجات جذرية لمشاكلنا، والتي أعتقد شعبنا أن الخلاص أمنية مستحيلة، فبدأ الرجل العظيم بالإستجابة لظروف العراق الجديد بعد 2003، فزحف بأسرته ليحول الألم الى أمل، وكان العمل الموعود إستحقاقه صوب الجنة.
ولدت إنتصارات شهيد المحراب، السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، قبل قدومه للعراق بعد سقوط الطاغية، لأنه أول مَنْ تزعم حركة المقاومة المباشرة، رغم ما وضع أمامه من تحديات كبيرة، لكنه أبى إلا أن يكمل مسيرته المعطاء، ورفض الذل والظلم، وسانده رجال أحرار أشداء، طمروا كل مستودعات الخوف، ووهبوا أرواحهم فداء لأرض العراق، وواجهوا بقوة عقيدتهم، وولائهم، وإيمانهم المطلق بعدالة قضيتهم، جبهة واسعة من الأعداء، لذا كانوا مدركين أن الولادة الجديدة، سيتساقط معها الدم والدمع. الجمعة الأول من رجب للعام 1424 للهجرة كان يوماً مختلفاً جداً لأن مَنْ يراقب لحظاته وساعاته يرى أنه يوم سيحدد هويتنا ومصيرنا لكن (700 كغم) من المتفجرات كانت حائلاً بيننا وبين برامجنا الطموحة وفرقتنا عن ورقتنا النضالية الرابحة وحانت ساعة رحيل زعيمنا السيد محمد باقر الحكيم رضوانه تعالى عليه وبدى وكأن جبلاً سقط من أعلى وطن جريح لأن المحراب قد إنحنى لعمامته المقدسة التي لم يجد سواها في لحظة الوداع فقد تشظى جسد الشهيد السعيد.
يا ترى هل شاهد العالم يوماً جبلاً ناطقاً بمفاهيم الشهادة، القادرة على صنع قرار الأمة، بلونها الثوري الأحمر، عكس الطاغية المضطرب القامع، الذي حاول طحن المعارضين له بأبشع الأساليب، لكن ضريح الشهيد المقدس، أعلن نشيده السرمدي، والذي شعر معه العراقيون بالحرية، والكرامة، والعدالة، فالحبر أحمر والربح أوفر، لأن بحر الشهادة لا يلقف إلا المجاهدين، الذي يمتلكون جذور شجرة الجهاد، فمن رحم معاناتهم ولد الإنتصار، ليعلن الأول من رجب أنه يوم عظيم، ولكن بألم عظيم!
https://telegram.me/buratha