شذا الموسوي
لطالما ازعجتني عبارات تطلقها شخصيات معروفة تظهر على وسائل الاعلام،بعضها من خلفيات اسلامية، ويرددها بعدهم الكثير دون تفكير، عبارات مثل "هل رأيتم ارهابيا يخرج من بار؟" او "المساجد هي مصانع الارهاب" وغيرها، يقصد منها الصاق تهمة الارهاب بالاسلام وتصوير المسلم المتدين بانه ارهابي، في حملة امتدت على مدى عقود حتى الان،ولعلها جاءت كرد فعل على المد الاسلامي الذي بدأ بانتصار الثورة الاسلامية في ايران، وتزايد الحركات التي تقدم الاسلام على انه المخرج من الواقع البائس الذي تعيشه الشعوب العربية والشرق اوسطية على العموم.
ورغم اني لا ابريء الجماعات الاسلامية التي اتخذت من السلاح والعنف وسيلة لتحقيق اهدافها سواء منها المشروعة او غير المشروعة ، لا ابرئها من تهمة الارهاب، لكننا لو تتبعنا تلك الجماعات وطريقة نشأتها، لاكتشفنا بسهولة ان وراءها تقف دوائر المخابرات البريطانية والامريكية على وجه الخصوص، والغربية بشكل اعم، و في الوقت نفسه لا استطيع ان اغض النظر عن حقيقة واضحة لكل متتبع واع لما يكشف يوميا من وثائق سرية تظهر ان معظم الحروب العالمية والنزاعات والصراعات المسلحة تنشأ و تتغذى في مراكز صنع القرار الغربي التي تديرها وتسيطر عليها الامبريالية العالمية والصهيونية وتنتفع منها بشكل رئيسي شركات صناعة السلاح المملوكة لعوائل يهودية مثل عائلة روتشيلد وعائلة روكفلر وعائلة مورجان وغيرها، وان العنف والجريمة والقتل الذي تروج له وسائل الاعلام الغربية وصناعة السينما والعاب الفيديو قد ملأت عقول الشباب واذهانهم بصور الدم، وصورت لهم القتل على انه فعل بطولي يومي غير مستهجن .
قبل ايام اهتز ضمير العالم من الجريمة المروعة التي حدثت في نيوزيلاند على يد الشاب الاسترالي ذو ال26 عاما، الذي اطلق النار بطريقة هوليودية على مصلين ابرياء في مسجدين للمسلمين راح ضحيته اكثر من خمسين انسانا لاذنب لهم سوى انهم مسلمون وجد فيهم هذا المعتوه هدفا للكراهية التي تملأ قلبه ضد معتنقي هذا الدين، بل كل المهاجرين الى اوروبا الذين سماهم بالغزاة، فعل ذلك بدم بارد، ثم ظهر بعد اعتقاله مستبشرا غير نادم، ولوح بيده بشعار عنصري يرمز الى تفوق العرق الابيض على غيره من الاعراق، وهو شعار سبق ان لوح به ترامب وبعض اعضاء ادارته، وهو نهج متصاعد يزداد عدد معتنقيه في اوروبا يوما بعد يوم بتاثير الاسلاموفوبيا.
بالتاكيد ان هذا الشاب ليس مسلما، ولم تخرجه المساجد الاسلامية، ولا درس كتب الفقه الاسلامي، ولا تتلمذ على يد مشايخ السوء وشيوخ فتاوى التكفير. انه صناعة غربية محضة، تربى في عائلة غير متدينة كما يقول هو، ودرس في المدارس العامة،وبالتاكيد فهو يشرب الخمر، ويرتاد الملاهي والبارات، مثله مثل اي شاب اخر في اي دولة علمانية ، اذا كيف تسرب الارهاب الى عقله وفكره يامن تنادون صباح مساء ان الارهاب والاسلام مرتبطان؟؟؟
لا يا سيداتي وسادتي صناع الفكر والثقافة والرأي العام.. الارهاب هو نتيجة التطرف، التطرف في اي فكرة ، دينية كانت او علمانية، التطرف في التصديق بان الحقيقة هي ملك حصري لفئة من الناس دون غيرها، الايمان المطلق بقضايا قد تكون عادلة في يوم ما، او محقة في جوانب منها ، لكنها تتحول بعد سنوات بفعل بشري الى عنصرية ممقوتة، او شوفينية دموية، والامثلة من حولنا كثير، يغص بها عالمنا المتحول الغريب، ولا نحتاج الى تعدادها، بل كل ما نحتاجه هو النظر بتجرد الى الامورومجريات التأريخ، بعيدا عن قناعاتنا الذاتية وتجاربنا الشخصية واحباطاتنا المعنوية ، فهل نحن قادرون على ذلك؟؟؟
https://telegram.me/buratha