المقالات

المرجعية الدينية والدولة المدنية.!


سعد الزيدي


لم يكن مفهوم الدولة المدنية في النظم الديمقراطية، مفهوما فارغا ولا حتى مرنا، يستطيع الحاكم أن يحركه ذات اليمين وذات الشمال، بل مفهوم حاكم على التوجهات الحكومية، وبالأخص الدكتاتورية منها، من خلال انعكاساته في المنظومة التشريعية والثقافية، و بدذلك فهو مُقيد للاجتهادات الفردية. 
لكنه كنظام وضعي؛ لا يخلو من السلبيات في بعض تفرعاته، منها يحد من التوجهات الدفاعية الاضطرارية والإصلاحية التكتيكية، وبذلك يترك فراغا واسعا، في المنظومة الدفاعية للدولة، خاصة في مرحلة تشكيلها، وقبل أن تستكمل مستلزماتها، من خلال التوجهات المعروفة وتسد الثغرات الداخلية، وتؤمن مصادر الخطر الخارجي.
من هنا فهو يحد من إمكانية القيادة، في سرعة بلورة موقف عسكري، لإمكانات الدولة المختلفة في الوقت المناسب، أي عسكرة الدولة لمجابهة المخاطر.
هنا تجدر الاشارة أن هنالك عوامل في الدولة المدنية العراقية،وليست في أصل النظام غير ناضجة بعدُ، لم تساعد الدولة المدنية، في أن تأتي بنتائج ايجابية في موضوع صيانة الأمن المجتمعي. 
كما أن قانون الطوارئ الدستوري الوضعي، لم يكن يف بمتطلبات الدفاع، وليس عملا سهلا أن تجري انقلابية فاعلة، في طياته لمجابهة الخطر الحقيقي ،الذي هدد الأمن المجتمعي في شهر حزيران من عام 2014 ، وما بعده من الاشهر على أيدي الإرهاب ، حيث القتل وإلابادة الجماعية، والتهجير للسكان وبيع النساء والأطفال في أسواق النخاسة، وتخريب مقومات الحياة، وحرق وتهديم كل مكونات الحضارة، والتهديد بالإعلان الصريح بالإبادة التامة للنسل والحرث، وهذا هو السبب الرئيس وراء تفعيل مفهوم الجهاد الكفائي، في الفتوى التي أُعُلنت في التزامن مع تردي الوضع الامني في حينه، من قبل قمة الهرم في المرجعية الدينية، سماحة آالإمام السيد علي الحسيني السيستاني، زعيم الحوزة العلمية وهو إجراء كان لا بد منه ،في دولة مدنية ضعيفة لصد عدو عقائدي، يعتقد بوجوب استئصال الاخر المخالف، وليس تحجيم دوره في العملية السياسية، أو عدم التعامل مع،ه كما تروج له قوى الشر التي خططت له وأسسته، والتي تتبناه في الوقت الراهن.
الجهاد الكفائي مفهوم ديني والمفهوم الديني مشحون بزخم كبير، من الفعالية القادرة على تجييش كل امكانات الامة، وهو ليس تدخلا في شؤون الدولة المدنية، كما أنه ليس من احتياطيات القيادة العلياء للدولة المدنية، لمجابهة الوضع الجديد بعد الانهيار الذي اصاب المؤسسة العسكرية، في حرب الإبادة والاستئصال التي يشنها أعداء الإنسانية، قبل أن يكونوا اعداء الامة الاسلامية من الصهيونية، واذنابها باسم داعش على الامة والوطن . 
بلحاظ أن المرجعية ليست جزءا من منظومة العمل القيادي في الدولة المدنية، ولا تمثل رأس الهرم في القيادة العراقية العلياء.فأن هذا التوجه من لدن المرجعية كونها نيابة القيادة الإلهية في الارض، فهي تقود العقول والارادات، أو القيادة الروحية للمجتمع، وبذلك فهي مسددة من السماء، وهي التي تعي وتٌحدد واجباتها، وكون العمل من اختصاصاتها أو اختصاص غيرها، ومن دون إحرج أو تكلف، كونها تختزن حيثيات المعرفة بواجباتها ومهامها الشرعية، بكل درجاتها وتفرعاتها كما نص عليها في الفقه، الذي تتميز المرجعية بحضوره الدائم في خلدها، وهذا هو ديدن فقهاء الأمامية، يتجسد ظهوره في الخارج كحالة عملية بناءا على المعطيات الواقعية. 
خلاصة القول أن عملية عسكرة الامة، وحشد الشعب في الدولة المدنية، لمواجهة عدوا الاستئصال أمر حتمي، يجب أن يكون ولم يكن ليكون، لولا فتوى المرجعية العلياء في النجف الاشرف.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك