المقالات

ماذا أرادت أمريكا من داعـــــش وبديليه: "البعث الوهـــابي" و"قسد"؟!!


(عن لعبـــة "استبدال الحلفاء" الأمريكية)

أحمد عبد السادة

 

عندما صنعت أمريكا تنظيم داعـــــش الإرهـــــابي - بمعاونة إسرائيل وتركيا وقطر والسعودية - وأوجدته في العراق وسوريا، لم تكن تخطط أبداً لكي يكون داعـــــش هو البديل الحاكم "الدائم" بعد إسقــــاط ما تراه "حكماً شيعياً حليفاً لإيران ومعادياً لإسرائيل" في العراق وسوريا، أي بمعنى أن داعـــــش بالنسبة لأمريكا كان ورقة مؤقتة يتم استخدامها كأداة لتحقيق أهداف استراتيجية لأمريكا وإسرائيل، ويتم بعد ذلك إحراق تلك الورقة أو إخفاؤها من أجل استخدامها مرة أخرى عندما تقتضي المصلحة ذلك.
ما هي هذه الأهداف الأمريكية الإسرائيلية؟
هدف الأهداف هذه بنظري هو ما يسمى بـ"أمن إسرائيل"!!.
وبما أن "محور المقاومـــة" المناهض لإسرائيل يمتد من إيران إلى لبنان مروراً بالعراق وسوريا، فقد قررت أمريكا أن تقوم بصناعة "حاجز" حليف لها ولإسرائيل في طريق محور المقاومـــة يقوم بدور "الجدار العازل" الذي يعيق تواصل دول المحور مع بعضها البعض، كما يقوم بدور "المقـــص" الذي يقطـــع شريان محور المقاومـــة لتجفيف الدمــــاء التي تغذيه، وبالتالي تجفيف وتصفية وإنهاء المقاومـــة ضد إسرائيل.
وبما أن محور المقاومـــة طابعه الغالب "شيعي"، فإن أمريكا - بمساعدة إسرائيل - صنعت "مقـــصاً" تكفيــــرياً لقطــــع شريان هذا المحور ولإباحة وهــــدر دم "الشيعة" والدعوة لإبادتـــهم وإنهاء دورهم السياسي بل إنهاء وجودهم أصلاً في حال التمكن والاستطاعة!! (يجب أن لا يغيب عن بالنا هنا تصريح الملك الأردني عبد الله الثاني الذي حذر فيه من "هلال شيعي" في المنطقة بعد إسقـــاط نظام صدام الدكتاتــــوري، والذي كان برأيي - أي هذا التصريح - هو الإعلان الرسمي والإيذان الأول لبدء حــــرب الإبــــادة الطائفيـــة الدمويـــة ضد شيعة العراق والمنطقة).
داعـــــش كان هو هذا الحاجز والجدار العازل والمقــــص التكفيــــري المصنوع في الغرف المغلقة الســــوداء للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية والمدعوم والممول بشكل واضح من قبل تركيا وقطر والسعودية.
وهنا بالذات أصبح "محور المقاومـــة" ليس محوراً لمقاومـــة إسرائيل فقط، وإنما أصبح محوراً لمجابهة ومقاومة المد التكفيـــري الإرهــــابي المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً.
كان دور داعـــــش - حسب المخطط الأمريكي الإسرائيلي - يتمثل بإسقاط النظامين العراقي والسوري، بل إنهاء الدولتين العراقية والسورية ومحاصرة "حــ.ـــزب اللـــــه" في لبنان تمهيداً لتصفيته.
وبما أن مشروع داعـــــش مرفوض دولياً وغير قابل للاستمرار كدولة وكنظام حاكم في ظل الوضع الدولي القائم، فإن الخطة الأمريكية الإسرائيلية اللاحقة - بعد خطة إسقــــاط العراق وسوريا بيد داعـــــش - كانت تقضي بانسحاب داعـــــش من الأراضي العراقية والسورية التي سيطر عليها وإخلائها لصالح جهات بديلة "حليفة" لواشنطن ومستعدة للتحالف مع إسرائيل وحفظ "أمنها"، وتحوز على بعض "المقبولية" الإقليمية والدولية، وكانت هذه الجهات "البديلة" لداعـــــش في العراق تتمثل بـ"فصـــائل المقاومـــة" السنية ذات الطابع البعثي المختلط بالطابع الوهــــابي التكفيــــري (أنا أسميها فصائل إرهــــابية لأنها في توجهها وجوهرها تشبه تنظيمي القــــاعدة وداعـــــش الإرهـــــابيين وتدور في فلكهما)، وهذا الكلام ليس تحليلاً فقط وإنما يستند إلى معلومات كشفها إبراهيم الصميدعي في أحد اللقاءات التلفزيونية حين كشف عن مضمون صفقة - كان هو طرفاً فيها!! - بين المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) وقادة الفصــــائل المسلحــــة السنية الإرهــــابية (هو يسميها المقاومـــة!)، وكانت الصفقة تقضي بأن تكون تلك الفصـــائل "بديلة" لداعـــــش لاحقاً بعد أن يحقق داعـــــش الأهداف المرسومة له.
لاحقاً أحبط الحشد الشعبي المضحي مؤامـــرة داعـــــش وبالتالي أحبط مؤامـــرة "بديل داعـــــش" الذي هيأته وأعدته المخابرات الأمريكية.
هذا الأمر حدث في العراق، أما في سوريا فقد كانت الجهة الحليفة لواشنطن و"البديلة" لداعـــــش هي قوات سوريا الديمقراطية الكردية "قسد" التي رأينا كيف انسحب داعـــــش من أمامها تاركاً لها الأراضي السورية الشاسعة التي سيطر عليها (ومن ضمنها محافظة الرقة بالكامل).
باختصار: لقد صنعت أمريكا داعـــــش ومكنته من السيطرة على محافظات وأراض شاسعة في العراق وسوريا من أجل استبداله لاحقاً بحليفين لها هما: البعث (بنسخته السنية الوهـــابية) في العراق، و"قسد" الكردية في سوريا. وهما بالنهاية حليفان مستعدان لأن يكونا خادمــين لإبنة أمريكا المدللة: إسرائيل.
أمريكا هنا أشبه بمدرب كرة قدم محتــــال يسمح للاعب يتعــــاطى المنشطـــات المحظورة باللعب وخوض المباريات لتحقيق الفوز، وعندما يتم اكتشاف هذا الأمر ويعترض "الفيفا" على ذلك، يقوم هذا المدرب باستبدال هذا اللاعب بلاعب آخر، ولكن بعد أن يؤدي اللاعب الأول دوره المرسوم له بدقة.
اللاعب الداعـــــشي الذي يتعـــاطى المنشطــــات "التكفيــــرية" بإسراف كان دوره في المباراة الأمريكية الإسرائيلية الشرق أوسطية هو أن يحقق لأمريكا وإسرائيل هدف الخلاص من خصومهما ليتم لاحقاً استبداله بلاعب آخر يحقق الهدف الذي أنتج أغلب الكوارث والأزمات في المنطقة وهو هدف "أمن إسرائيل"!!!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك