أمل الياسري
شاب ثوري كبير بتواضعه، خلق إسلامي رفيع، بساطة تحوطها هيبة المتقين، كل هذا وغيره من مكارم الأخلاق، تسير بقوة بين إخوانه، رغم زحمة وقسوة الصراع السياسي القائم في اليمن، إنه السيد عبد الملك الحوثي، الإبن الثاني للزعيم الروحي لجماعة أنصار الله، السيد بدر الدين الحوثي الذي حمل هموم الطائفة الزيدية،(نسبة الى زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام)عقيدة، وفكراً، وثقافة، وسلوكاً، فهل أراد الحوثيون حقاً، أن يكون اليمن سعيداً؟!
التهميش والإقصاء، والفقر والإنعزال الإقتصادي، والتمييز الطائفي، والتفكك القبلي، الذي عانت منه محافظات صعدة، والحديدة، ومأرب معاقل الحوثيين الرئيسية، وحتى بقية مدن اليمن كلها أسباب مهمة دعت للوقوف بوجه الحكام، حيث تصاعد فيها منذ عام 1986 شعار( نحن لب الزيدية وأنصارها)، وطرحه بقوة بدر الدين الحوثي، بهدف إحياء الإمامة الزيدية في اليمن، التي يصرُّ مؤيدوها بضرورة الخروج على الحاكم الجائر، ومحاربة الظالمين، مع رفض القيام بعمليات إنتحارية لقتل النفس المحرمة، إذن الحوثيون ليسوا إرهابيين!
إن ما يحدث في اليمن غير السعيد، حقيقته تعود للفتنة الطائفية والمذهبية، التي هيأت لها مملكة آل سعود الوهابية المتطرفة،التي كان مشايخها وأحد تلاميذها،الشيخ اليمني مقبل الوداعي في (1979) وقد كرسوا لها أثناء دراسته للمذهب الحنبلي بالسعودية، فوجه حقده صوب الحوثيين حين وصفهم (بأهل البدعة)، كما قام طلابه بتدمير الآثار الصوفية بصعدة، بعد عودة شيخهم المدعوم سعودياً، وقدمت لهم تسهيلات مميزة للسيطرة على المساجد، والمنابر المعبأة بالأفكار السلفية.
السعودية شنت حرباً طائفية ضروس، ضد أرض اليمن السعيدة، ومارست قوة ناعمة فكرياً، فجعلت حربها الدينية بالنيابة، مقبل الوداعي مقابل فكر بدر الدين الحوثي، خاصة وأنها معروفة بحجتها، لتصفية الحسابات السياسية والإقليمية مع إيران، التي أُعلن إنتصار ثورتها الإسلامية ( 1979 )، فأعتبرتها خطراً مضاعفاً، لنشر التشيع في اليمن أكثر من ذي قبل، مشيرة أن الحوثيين يتلقون دعماً خارجياً من إيران تحديداً، لذا عليها الدفاع عن عروبة اليمن، من الصفويين كما تدعي!
قاد السيد حسين الحوثي، الأبن الأول لبدر الدين الحوثي حركة أنصار الله، ضد الحكومة اليمنية الموالية لأجندات خارجية، والتي بدأت فتيل ثورتها، بسبب تردي الوضع الإقتصادي، وزيادة أسعار المحروقات في اليمن، فتصاعدت حدة التظاهرات، وتداعياتها السياسية والأمنية، حيث شن تنظيم القاعدة هجمات عدة، على محافظة صنعاء والجوف، وصعدة وإب، مما تسبب في إشعال نار الحرب بين الحكومة والحوثيين، وإستمر حسين الحوثي بالمقاومة، حتى إعتقل ثم قتل في العام (2004).
تسلم قيادة جماعة أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، بعد مقتل أخيه حسين، فإشتدت الحرب الأهلية بين القبائل الموالية، لحكومة هادي عبد ربه، ورئيس وزرائه خالد بحاج، وبين الحوثيين بسبب الإعتقالات، والتفجيرات التي طالت مساجدهم، خاصة بعد دعوة أبو محمد العدناني، الإرهابي الوهابي السوري في تنظيم القاعدة، والمبايع لداعش فيما بعد، حين دعا (لقتل وشوي الحوثيين) في مطلع كانون الثاني (2015) مما أشعل الحرب أكثر فأكثر، فما عادت اليمن بعدها سعيدةّ!
عاصفة الحزم لإستعادة الشرعية لحكومة الرئيس المخلوع هادي، بدأ فيها التحالف الدولي بقيادة السعودية، وأمريكا ودول أخرى، صباح اليوم السادس والعشرين من مارس (2015) حيث قامت بالقصف الجوي الكثيف على مخازن الأسلحة، ومصادر التموين الغذائي، والمساجد، والجسور، والأزقة التي يحتشد فيها الحوثيون، فشهدت اليمن أبشع الجرائم والتفجيرات حيث طالت الأبرياء العزل والبنى التحتية، فهل سيغدو اليمن آمناً، خاصة بعد أن مني التحالف السعودي الأمريكي بالخيبة والإنكسار؟
(التوترات مستمرة في اليمن، مالم تقم حكومة وطنية، تعترف بشرعية الوجود الحوثي، وإعتبار الزيدية جزءاً متميزاً، ومتمماً للهوية العربية اليمنية)،هذا ما أشار إليه باراك سالموني، الأستاذ في كلية الشؤون الدولية، بجامعة الدفاع الوطني بواشنطن، ومؤلف لكتاب (النظام والهوامش بشمال اليمن ـ الظاهرة الحوثية2010)، والحقيقة أن الأيام المقبلة ستشهد تحركاً في هذا المجال، لأن الحوثيين أصحاب حق في الحياة بكرامة، كبقية المذاهب الأخرى، ويتمنون أن تعيش يمنهم سعيدة الى الأبد!
بعد مرور كل هذه السنوات المحملة بالمآسي والدماء والدموع وصدورالأيتام والفقراء يعتصرها الألم ما زالت قوى المقاومة الشعبية والحوثية مستمرة في الدفاع عن كرامتها رغم كل التعتيم الإعلامي والصمت الدولي وتصاعد وتيرة مؤامرات العدوان السعودي الامريكي عليهم وإلا ما فائدة رئيس يقال عنه أنه شرعي وهو قابع في أحضان الوهابية المتطرفة ألا يعني ذلك تآمراً لنهب ثروات اليمن وجعله غير سعيدأً كما كتب عنه التأريخ.
https://telegram.me/buratha