علي عبد سلمان
أدى تشعب الأمور الداخلية والارتباطات والالتزامات والمعاهدات الخارجية لأي بلد ما في عالمنا المعاصر، هذا العالم الذي أضحت الأمور تتباين فيه بين فينة وأخرى بأسرع مما يفكر فيه الإنسان وبصورة مباغته وقاتلة ومدمرة في بعض الأحيان، أدى كل ذلك إلى ضرورة تروي وتبصر صانع القرار السياسي ليلم بجميع الأمور المتعلقة بقرار أو علاقة يريد البدء بها أو تفرضها عليه الظروف الداخلية والمحيط الخارجي، لاسيما عندما تتأثر بقوى المجتمع وبمدى توافر المعلومات وصحتها وسرعة تحليلها وتفسيرها.
لقرار السياسي هو ذلك القرار الذي تتوافر فيه واحدة من مجموعة عناصر مختلفة أهمها أن يكون صادرا عن شخص ذي صفة سياسية أو من خلال أحد أجهزة السلطة السياسية، أو منصبا على موضوع يتعلق بالسياسة العامة للدولة.
ولا بد أن تتوافر في القرار السياسي أيا كان نوعه، استراتيجيا أو يوميا، شروط من بينها:
الشرعية: بمعنى صورة عن السلطة القانونية المخولة.
والإلزام: بمعنى وجود القوة التي تملك تنفيذه.
العمومية: بمعنى أنه يمس الشؤون العامة والاحتياجات الرئيسية لأفراد المجتمع.
أي عملية تخطيط اقتصادي أو اجتماعي شامل تحتاج في النهاية إلى اتخاذ قرار تصدره القيادة السياسية في البلاد.. ولا بد لهذه القيادة من سلطة تشرح تلك الخطط للشعب وتلزمهم بها
والواقع أن أي عملية تخطيط اقتصادي، أو اجتماعي شامل تحتاج في النهاية إلى اتخاذ قرار تصدره القيادة السياسية في البلاد. ولا بد لهذه القيادة من سلطة تشرح تلك الخطط للشعب وتلزمهم بها.
يتسم التخطيط للتقدم الاقتصادي والاجتماعي بوجود مركز تتمركز فيه مسألة اتخاذ القرارات التخطيطية الرئيسية، وأن يكون له صفة الإلزام على كل المستويات، وهنا تبرز ضرورة المشاركة الفعالة للجماهير ومنظماتها في صياغة القرارات التخطيطية، قبل أن تأخذ شكلها ومحتواها النهائي.
ولذلك اتجه العديد من صانعي القرارات السياسية إلى إنشاء وحدات ملحقة بأروقة الحكم لتساعد على تقديم المعلومات وتحليل ما يريد التوصل إليه صانع القرار السياسي.
عملية صنع القرار السياسي هي عملية بالغة التعقيد نظرا لارتباطها بأجهزة عديدة تقوم بالإعداد والتجهيز لصنع القرار واتخاذه ومتابعة تنفيذه ومدى نجاحه في تحقيق الأهداف المرجوة.
وأي قرار تقوم السلطة السياسية الحاكمة بإصداره يوصف بأنه سياسي سواء كان داخليا أو خارجيا ما دام له تأثير شامل على المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو العسكري أو غير ذلك.
والقرار السياسي تصنعه الصفوة الحاكمة، وهو مرتبط بها دائما في كل الأنظمة مهما اختلفت مسمياتها.
ومهما قيل عن تقسيم السلطات الداخلية وفصلها، فإن القرار السياسي تصنعه هذه الصفوة، ويقوم باتخاذه من هو على قمة هرم السلطة أي الحاكم الفعلي الأول في البلاد.
وتتأثر عملية صنع القرار السياسي بالعديد من العوامل التي يغلب عليها الكثير من التداخل والتشعب.
ومنها العوامل الشخصية والنفسية والثقافية للمشاركين فيها فضلا عن البيئة الاجتماعية التي خرجوا منها وتكوينهم السياسي وانتمائهم الحزبي وتجاربهم السابقة وقدراتهم الشخصية ومدى قبولهم جماهيريا.
ومن ناحية أخرى، فإن للعوامل النفسية والشخصية الأثر الأكبر في صناعة القرار، وهي عوامل قد لا تظهر مع البدايات السياسية لصانع القرار، ولكنها تكشف عن نفسها عند تعرضه لمواقف تتسم بضغط نفسي شديد.
منطقة الخليج والذي يتشاطأ سواحله الغنية بالنفط، كل من جمهورية إيران الأسلامية شرقا، والعراق والكويت شمالا، والسعودية والبحرين ودولة الأمارات العربية المتحدة وقطر وعمان غربا، تعتبر قلب العالم المجهز بالطاقة، ولذلك كانت هذه المنطقة دوما محط أنظار الدول الكبرى، وتحولت الى ميدان للصراع الأقتصادي والسياسي.
السياسات في المنطقة، خصوصا في الضفة العربية، لا تصنعها المصالح والنوايا الطيبة، لكن يتعين أن يصنعها اللاعب الرشيد، وهو لاعب لا تتوفر صفاته لدى دول الخليج العربية، التي تخضع في حساباتها الى عنصرين هما التأثيرات الخارجية والدوافع الطائفية، مع العرض أن العناصر الأساسية لنموذج اللاعب العقلاني أو الرشيد تتمثل بـ:
1- الأهداف والغايات: التي يقوم اللاعب العقلاني بوضعها من خلال الأهداف المفضلة التي توضح قيمة المنفعة.
2- الخيارات: ويجب على اللاعب العقلاني اختيار البديل أو الخيار من بين الخيارات المطروحة خلال عملية صنع القرار السياسي.
3- النتائج: لكل بديل أو خيار من الخيارات المطروحة عدة نتائج محتملة تسمح للاعب العقلاني بأخذها في الاعتبار مما يمكّنه من اتخاذ الخيار أو القرار العقلاني أو الرشيد.
4- الخيار: الخيار العقلاني أو الرشيد هو عبارة عن اختيار البديل أو الخيار الذي يحقق أعلى مكاسب أو فوائد ممكنة..