المقالات

الجولان .. مواقف وتداعيات


ميثم العطواني

 

مما لا شك فيه ان عملية إتخاذ القرار في السياسة الخارجية هي عملية حساسة وذات أبعاد في جوانب متعددة، ويزداد تشابك خيوطها الخفية في ظل الأزمات، نتيجة لما تتميز به من خصائص معقدة لا تخلو من عنصر المفاجأة الذي يترتب عليه انعكاسات وخيمة، بل ربما يؤدي الى تهديدات خطيرة سواء كانت معلنة أو في جلسات سرية، لاسيما ان تعلق القرار بمصالح دولة ذات تسلط تفرض وفقه سياساتها على دول العالم، وما الخطوة التي اتخذتها وزارة الخارجية العراقية بإعلانها عدم الإعتراف بقرار الولايات المتحدة الأمريكية الذي يخص سيادة الكيان الصهيوني المحتل على الجولان ما هي إلا خطوة جيدة، آملين ان تحذو جميع الدول العربية والإسلامية حذوها، وعلى الجميع ان يعلن مقاطعة البضائع الأمريكية حتى سحب هذا القرار المشؤوم .

ولا يخفى ما أعلنه مجلس الأمن الدولي "ان قرار ترامب بشأن الجولان يهدد الأمن والسلم الدولي"، وهذا ما يعد فعلا تهديدا خطيرا للوضع القائم في المنطقة على وجه الخصوص، حيث يبدأ في خلق أزمات دولية جديدة تمتد لاحتمالات الدخول في مواجهات مسلحة، لإن الكثير من دول المنطقة بدأت تدرك خطورة خارطة الطريق التي رسمتها الولايات المتحدة الأمريكية لهيمنة الكيان الصهيوني على المزيد من الأراضي العربية .

ولمدى الخطورة البالغة لهذا القرار، يتوجب على جميع الدول العربية والإسلامية اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة التمدد الصهيوني الذي تم التخطيط له قبل عشرات السنين، وبما ان للحرب الإقتصادية دورا فتاك لتدمير البلدان على شتى المستويات، لذلك يجب إعلان مقاطعة البضائع الأمريكية حتى عدولها عن قرار الجولان، وبخلافه نذكر شعوبنا العربية والإسلامية بحكاية الأسد الذي وجد قطيعاً مكوناً من ثلاثة ثيران، أسود وأحمر وأبيض، فأراد الهجوم عليهم فصدوه معاً وطردوه من أرضهم، ذهب الأسد وفكر بطريقة ليصطاد هذه الثيران، خصوصاً أنها معاً كانت الأقوى، فقرر الذهاب إلى الثورين الأحمر والأسود وقال لهما: "لا خلاف لدي معكما، وإنما أنتم أصدقائي، وأنا أريد فقط أن آكل الثور الأبيض، كي لا أموت جوعاً، أنتم تعرفون أنني أستطيع هزيمتكم لكنني لا أريدكما أنتما بل هو فقط، وفكر الثوران الأسود والأحمر كثيراً ودخل الشك في نفوسهما وحب الراحة وعدم القتال فقالا: الأسد على حق، سنسمح له بأكل الثور الأبيض، فافترس الأسد الثور الأبيض وقضى ليالي شبعان فرحاً بصيده!!، ومرت الأيام وعاد الأسد لجوعه، فعاد إليهما وحاول الهجوم فصداه معاً ومنعاه من اصطياد أحدهما، ولكنه استخدم السياسة ذاتها، فنادى الثور الأسود وقال له: لماذا هاجمتني وأنا لم أقصد سوى الثور الأحمر؟، فقال له الأسود: أنت قلت هذا عند أكل الثور الأبيض، فرد الأسد: ويحك أنت تعرف قوتي وأنني قادر على هزيمتكما معاً، لكنني لم أشأ أن أخبره بأنني لا أحبه كي لا يعارض اتفاقنا السابق، وفكر الثور الأسود قليلاً ووافق بسبب خوفه وحبه الراحة، في اليوم التالي اصطاد الأسد الثور الأحمر وعاش ليالي جميلة جديدة وهو شبعان، ومرت الأيام وجاع الأسد فهاجم مباشرة الثور الأسود، وعندما اقترب من قتله صرخ الثور الأسود: أُكلت يوم أكل الثور الأبيض، احتار الأسد فرفع يده عنه وقال له: لماذا لم تقل الثور الأحمر، فعندما أكلته أصبحت وحيداً وليس عندما أكلت الثور الأبيض، فقال له الثور الأسود: لأنني منذ ذلك الحين تنازلت عن المبدأ الذي يحمينا معاً، ومن يتنازل مرة يتنازل كل مرة، فعندما أعطيت الموافقة على أكل الثور الأبيض أعطيتك الموافقة على أكلي .

لذلك على الشعوب العربية والإسلامية التي أغرتها الولايات المتحدة الأمريكية، وصورت لهم بانهم حليف استراتيجي، وبمنأى عن سياسة الخذلان، ان يدركوا جيدا بإنهم سيأكلون كما أكل الثور الأبيض

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك