كاظم الخطيب
الإرهاب سلاح الجبناء، وخيار الضعفاء، وأداة الحمقى، ووسيلة العاجز عن الوصول لغايته، أو تحقيق هدفه بالطرق المشروعة؛ كونه لا يمتلك الحجة ولا الوسيلة لإقناع المقابل بوجهة نظره، لذلك تجده يلجأ للإرهاب من خلال إستخدام أقصى درجات العنف، وأقسى ممارسات الظلم والإضطهاد.
لكل إمرء ِ مذهب ما، يذهب إليه في التعبير عن توجهه، ومعتقده الخاص، الذي يحدده السلوك الفردي، المرتبط بسلوكيات من هم على شاكلته العقدية، ونمطية تفكيره، ومستوى إدراكه الفكري، من خلال تعاطيهم مع مفردات الحياة بشكل يجعلهم منفردين عن غيرهم، بسلوك خاص، وتوجه مستقل.
لا يقتصر مصطلح المذهبية، على فئة ما، أو شريحة معينة، أو دين خاص، أو قوم دون غيرهم، أو بلد بعينه، على العكس مما يلصقه البعض- جهلاً أو قصداً- من تهمة المذهبية بالأديان فقط، فالسياسة وغيرها من الممارسات والعلوم الإنسانية لها مذاهب أيضاً، وخير دليل على ذلك؛ ما حصل مؤخراً في نيوزيلندا.
إن العمل الإجرامي الذي حصل في نيوزيلندا، لم يك عملاً فردياً، كما لم يك عبثياً مطلقاً، وهو لم يأتِ عن فراغ، كونه جاء ضمن توجه عام، وسلوك منتظم، وعقلية تمتلك حساً عالياً من الحقد، وقدراً كبيراً من الشذوذ، وتمتلك ولاءً لمرجعية سياسية بعينها، تعتبرها المثل الأعلى في إعتناق مذهب الإرهاب الدموي، والتمييز العنصري، والتطهير العرقي، كما صرح به السفاح الأسترالي برينتون تارانت الذي ارتكب مجزرة المسجدين في نيوزيلندا.
سلوك عنصري شاذ، وممارسات متطرفة بغيضة، هي مفردات لسجل ترامب الحافل بالخطابات التحريضية والمواقف العدائية تجاه العرب والمسلمين ، ففي حادثة لافتة؛ تم طرد السيدة المسلمة روز حميد من مؤتمر إنتخابي لترامب، وصاحبت عملية إخراجها، خطابات كراهية، وصرخات حقد، من جمهور ترامب، وبعقلية متطرفة بغيضة حاقدة، وهو دليل واضح على تأثير خطاب ترامب العنصري عليهم؛ مما حول الحشد الجماهيري بالكامل، إلى إعتناق مذهب ترامب اليميني المتطرف.. كان ذلك كله؛ وهو مرشح للرئاسة، ولما يفز بعد، فكيف به وقد تربع على عرش الإستكبار العالمي؟.
لقد أصبح لترامب في جميع أرجاء الغرب اليميني المتطرف؛ أنصاراً ومريدون، ولعل المجرم الأسترالي برينتون خير شاهد على ذلك؛ فقد صرح علناً، بأنه وبعمله الإجرامي هذا، قد دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإعتباره رمزاً لهوية البيض والأهداف المشتركة المتجددة، مما يؤكد عالمية الخطاب الترامبي المتطرف تجاه الإسلام والمسلمين .
لقد كان للموسيقى حظ أيضاً في مذهب التطرف العالمي، الذي لم يعد إعتناقه حصراً على الأمريكيين أو الغربيين، بل شاركهما في ذلك العرب الهجين، من ملوك الإستخراء الخاضعين- لكل ما هو غير عربي- فقد تشابهت سلوكياتهم، وتطابقت ممارساتهم، فعندما أقدم السفاح برينتون على ذبح المصلين في مسجدي مدينة كرايست تشيرش الأسترالية، كان ذلك في بث حي، وعلى أنغام الموسيقى، مشابهاً ومطابقاً بذلك، لما قام به المجرم السعودي صلاح الطبيقي، عندما كان يقطع أوصال الخاشجي نشراً- بمنشار خاص جاء به من السعودية- فإنه قد طلب من فريق الإعدام المرافق له، بتشغيل الموسيقى؛ لأنها- على حد تعبيره- تساعده على التركيز.
توافق وتطابق واضح جلي، بين مذهب ترامب الأبيض العنصري، وبين المذهب الوهابي التكفيري، فذاك يدعو إلى تعزيز الكراهية والحقد والعنصرية المتأصلة في أمريكا والغرب ضد المسلمين، وهذا يدعو إلى تعزيز مبدأ البغض والحقد والكراهية ضد الشيعة، وإعتبارهم غير مسلمين من خلال إطلاق فتاوى التكفير ضدهم، وجواز قتلهم.
ختاماً ..
فإن للإرهاب في عموم العالم مذهب، كما للشرف والإنسانية في عمومه مذهب، والحمد لله الذي جعل خاصة المسلمين- من غير الوهابية أو التكفيريين- وخاصة الشيعة على مذهب الشرف والشرفاء.
https://telegram.me/buratha