قاسم العبودي
( ذوبوا في الأمام الخميني كما ذاب هو في الأسلام ) ..بهذه العبارة أختزل السيد الشهيد محمد باقر الصدر ( رض ) مسيرة قرابة نصف قرن من البحث والتدريس والتأليف . للوهلة الأولى قد يظن البعض أن تلك المقولة ماهي ألا أنصهار ( مرجعي ) بمرجع آخر , أو على أقل تقدير أندماج عاطفي لمرجع يحاول أسقاط نظام في رقعة جغرافية .
لقد كانت تلك الكلمات هي الرصاصات التي أطلقها السيد الشهيد الصدر من خزين عنفوانه التي بقت حبيسة صدره على مدار سنين طوال . لقد أستشعر السيد الصدر الحركية الأسلامية التي سوف تستنهض الأمة من خلال رجل قدم من عمق القرون الوسطى ليستقر في القرن العشرين , في وقت تغط الأمة في سبات عميق . لقد وجد السيد الشهيد الصدر أعلى الله مقامه ضالته بعد أن أعياه الضغط الحوزوي التقليدي الذي كان يهيمن على الساحة النجفية ودروبها الضيقة . في نفس هذه اللحظة بدأت أجهزة اللانظام البعثي أستشعار الخطر القادم والداهم لعرش الطاغية الذي كانت حوزة النجف ببعض رجالاتها تمثل الأستقرار السياسي والأمني لعرش الطاغية وجلاوزته البعثيين .
لقد قض الشهيد الصدر مضاجع تلك الطغمة العفلقية التي بادرت على الفور بنفي الأمام الخميني رضوان الله تعالى عليه , وأعتقال السيد الشهيد الصدر ظنا منها بأنها تنهي حالة الثورة القادمة , والتي تبناها الشباب الرسالي الحركي بجهود قائد تلك المجاميع الرسالية السيد محمد باقر الصدر .
كان السيد الشهيد الصدر قد أنطلق في حركته من محورين أثنين , كان الأول يتمثل بكسر النمط التقليدي عند بعض رجالات الحوزة العلمية النجفية التي ركنت الى الأنزواء بعيد عن مقارعة السلطة الغاشمة وأن كانت غير سائرة في ركاب البعث . لكنها أنتجت جيل نمطي لم يعرف أن الحاكمية المطلقة لله سبحانه وتعالى وأن الأسلام ( يقود الحياة ) . فعمل الشهيد على قلب تلك المفاهيم البالية السائدة في وقتها , وغرس مفاهيم أسلامية تتمثل بالتغيير الأسلامي لكي يعطى المجال لقيادة الدولة تحت مفهموم ولاية الفقيه التي هي جوهرة الأسلام المحمدي الأصيل , والتي كان السيد الشهيد يعمل على تفعيلها ليلا نهارا وعلى مسمع ومرأى من جلاوزة النظام البعثي الفاشي .
أما المحور الآخر, فتمثل ببناء جيل أسلامي حركي مقاوم مستلهما القيم الأسلامية من منابعها الصافية الحقة , فأنتج لنا رعيل مجاهد أتسم بمقارعة اللانظام العفلقي وعلى مدار عقود من الزمن . كان هذا الجيل هو القيادة الفذة لولاية الفقيه , التي لم يتم قيامها في العراق لأسباب كثيرة نعرض عنها في هذا الوقت . لكن تم تأسيسها بجهود ذلك الرجل العملاق محمد باقر الصدر , وجهود من سار على نهجه فيما بعد . كان أنتصار الثورة الأسلامية في أيران له صدى في نفوس أتباع السيد الشهيد الذي لم يتوانى بدعم هذه الثورة الفتية , التي كان أحد منظريها وقد قال ما نصه (( لو أمرني الأمام الخميني أن أكون مبلغا في قرى وجبال أيران فأنني لن أتردد في ذلك )) وكان منطلقه في ذلك هو تأييده المطلق لولاية الفقيه الحقة .
بهذا السعي الحثيث للشهيد الصدر بأقامة حكم الله في الأرض , تم أعدامه ضننا من البعث أن صوت وحركة السيد الصدر سوف تصمت الى الأبد . وقد كانوا مخطئين تماما فيما ذهبو اليه . فقد أينعت ثمار حركة الشهيد الصدر , وما زلنا نتفيأ ضلالها الوارفة , حتى يحكم الله الأرض ومن عليها .
https://telegram.me/buratha