المقالات

التنظيم الحزبي عند الشهيد الصدر

1556 2019-04-04

سجاد العسكري


فتح الشهيد الصدر"قدس" عينيه على ظرف اجتماعي صعب و معقد, والذي تمثل في اليتم والفاقة ؛لكن التراث العلمي , والاسرة الكريمة والموقع الاجتماعي ,مع ماشهدته من ظاهرة للاسر العلمية من التخلي الكثير من ابنائها سلوك مسلك الاباء في طلب العلوم الحوزوية والتي تقلصت بشكل كبير , وهو ماجعل الصدر في حيرة من امره امام بابين: الاول ابواب الدراسة النظامية ,والتي تنتهي بالانسان الى الجامعة وافاقها . والثاني التوظيف والدخول في الاجهزة الحكومية ! 
فكان امامه اختيار طريقه في ظل هذه الظروف والملابسات ؛لكنه اختار طريق الاباء والاجداد الصالحين والانبياء والائمة الطاهرين عليهم السلام , وهو طريق طلب العلم وحمل الرسالة في وقت كان الجميع يرجح الخيارات الاخرى من اقرانه وارحامه باستشناء والدته, لذا كانت الداعمة والمشجعة له في سلوك هذا الاتجاه ,فبدت معاناته بسبب الظروف التي كان يعيشها طلبة العلوم الحوزوية والتي تكسي طالب الحوزة بالارادة القوية والشجاعة العالية في بناء الشخصية.
وفي ظل هذه الظروف كان لنبوغه الفكري والغزارة العلمية في الكثير من المجالات , ومنها النظرية السياسية التي كانت تشغل الكثير من الاوساط المؤمنة باليات العمل السياسي وخصوصا بصيغته الاسلامية , فلم تكن نظرية الحكم الاسلامي لدى الشهيد الصدر وخصوصا الادلة الدالة عليه واضحة فبداء بتكوين تصوراته السياسية فقد استنتج من اية الشورى (وامرهم شورى بينهم) والتي تدل على قاعدة الشورى في اقامة الحكم الاسلامي , وذلك لأهمية الحكم في اقامة الدولة وهي من الامور التي تهم المسلمين , والتي لايمكن تجاهلها وقد تؤدي الى تهديد اصل الدين من قبل المناوئين واعداء الخط الاسلامي , وهو مابينه الشهيد الصدر ولابد من الالتزام بحكم الاكثرية في اقامة الحكم والا تعطلت اية الشورى ومافائدة مدلولها العملي.
فأسس الصدر رضوان الله عليه اسس العمل السياسي وفق اسلوب يعطي للمسلمين القوة والقدرة على تحقيق الاهداف التي تديم الحكم الاسلامي , فطرح اسلوب التنظيم الحزبي باعتباره افضل طريق للافرد للتحرك السياسي , ومن خلاله يتمكن من تحقيق الاهداف والمقاصد المرغوب في تحقيقها او تثبيتها لدى المجتمع ,وايضا مواجهة الافكار الدخيلة التي تهدف الى تفكيك واضعاف الفكر العقائدي في المجتمع لدى الامة الاسلامية , والذي كان يروج من قبل الحكومات التي تتابعت على السلطة والتي همها فصل الدين عن السياسي بحجة الحفاظ على الدين من التلوث بالسياسة.
فاراد الشهيد ادارة الامور من قبل المختصيين في الامور السياسية ,والاجتماعية , والاقتصادية والعسكرية..., لكن تحت اشراف الفقهاء الذين يمارسون تخصصهم من اجل ضمان سلامة المسيرة الاسلامية , وبالتالي تحويل الواجهة القيادية في الامة الى العلماء , عن طريق تحويل التنظيم الحزبي الى حزب يقود تنظيم حركة الامة , والواجهة في القيادة المرجعية التي تعطي الفكر الاسلامي الاصيل للتحرك التنظيم الحزبي وفق هذا الفكر الذي يوظف طاقات اكبر لخدمة العمل الاسلامي.
لكن من الامور المهمة عند الشهيد الصدر "قدس" والتي يجب ذكرها هو انسحابه من تنظيم (حزب الدعوة) بعد ان كان يمارس فيه دور القيادة والاشراف العام , والسبب انه اخذ بالشك في صحة العمل الحزبي بمعناه الواسع ,اذ كيف يمكن ايجاد تنظيم يسعى الى حكم اسلامي دون ان تكون النظرية متكاملة عن الحكم الاسلامي وغير واضحة المعالم , اي كيف نحقق هدف دون ان يكون هذا الهدف مكتمل اصلا !فمن هنا جاء انسحاب الشهيد الصدر "قدس" . 
وتبقى اطروحات الشهيد الصدر بحاجة الى التحليل والنقد البناء للوصول واستخلاص الافكار والنظريات في شتى المجالات وخصوصا الاقتصادية , اما منهجه وخطابه رضوان الله عليه لم يكن بعيدا او غريبا عن الواقع بل كان يتطابق مع الواقع والظروف السياسية لذا سفك دمه الشريف من اجل هذا المنهج.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك