تركوا أمتعتهم على جرف دجلة، لكن بعد لحظات تركتهم أمتعتهم ورحلوا الى كبد السماء، ليعانقوا نجوم عيد الربيع الذي أقام عزاءهم في الجنان، إنهم مَنْ ركبوا للترفيه عن أنفسهم بعيداً عن هموم الشتاء، وأنا لن أهتم لهويتهم وقوميتهم، وديانتهم ومذهبهم، ولكني سأهتم بمَنْ عجّل في رحيلهم، وأسأل: أي عبارة تليق بعزاء عبارة الموصل، فنهر دجلة لا يعرف صخب الإعتقالات والمداهمات ليسلب أرواح الأبرياء، لأن ماءه مجموعة من الدموع البريئة، تعطرت بأجساد هؤلاء الأطفال، والشباب، والنساء. الإحصائيات الأخيرة تفيد بأن هناك جثامين مفقودة الى الآن، فما كان لهذه الحادثة الأليمة التي ألمت باهالي الحدباء، إلا أن تناشد أهالي الجنوب للمساعدة، وقد أعلنوا مساندتهم لإخوانهم في أم الربيعين، وأنهم على أهبة الإستعداد للبحث عن أبنائهم وإخوانهم قائلين: (لن نترك الحدباء في ظروفها الصعبة) إذن هي مصيبة واحدة تؤكد وحدة المصير بين أبناء الشعب الواحد، والحق أن الربيع ورجب تلاحما في صورة واحدة، ما تزال مشاهدهما عالقة في جسر الأئمة، فتعانقت الدماء والدموع. أشارت المرجعية الدينية العليا في خطبة الجمعة، الموافق (22 رجب 1440) المصادف (29/3/2019)، الى ضرورة المحافظة على سلامة المنظومات الحياتية، حيث تتكامل فيما بينها لتسير الحياة اليومية بشكل طبيعي، وآمن، ومستقر، ومنها سلامة المنظومة البيئية والصحية، والتي تؤكد على مهمة الدولة بشكل أساسي لتحقيقها، كما هي مهمة الفرد كنظافة مدننا وأزقتنا، وسلامة الأماكن الترفيهية، وسلامة الأنهر، والمؤسسات السياحية التي يرتادها المواطنون في المناسبات، ولكن هل تعي الدولة لدورها وعلى مَنْ تقع المسؤولية بهكذا حوادث مفجعة؟! إطلاق النصائح أمر سهل ولكن تطبيقها أمر صعب، لأن المقابل المنصوح يعتبر نفسه محقاً، ويشعرك بأن حادثة العبارة قضاء وقدر، في حين أن المرجعية الرشيدة، أشارت الى أن سلامة منظومة الوطن والمواطن، يعد أمراً مشتركاً فالدولة والفرد كلاهما مسؤولان عنهما، فكيف إذا كان مَنْ نريد حمايتهم هم الاطفال، والشباب في عمر الزهور ولهم حرمة عظيمة، واذا تردد القول بأن الحوادث المؤلمة تنتهي بلا دروس لنا، فالأجدر أننا بحاجة الى محاسبة مَنْ كان سبباً بهكذا حادثة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha