أمل الياسري
بحر لم ولن يجف ابداً، نقف بشموخ أمام سواحل علمه اللُّجي، لم يجرؤ أحد على كتابة ماضيه، بسبب الحقد البعثي الأسود على السيد، والمرجع الذي أخرج النجف الأشرف، من الكتب الصفراء الى الكتب البيضاء كما قيل، بسبب حركته الفكرية العملاقة حيث لم تقف عند حد الدين، بل تعداه لمجالات أخرى كان المتطرق الوحيد فيها آنذاك، إنه السيد محمد باقر الصدر.
حاربه البعث العفلقي الدموي، الذي لم يدرك أن إستشهاده كان ولادة الحياة من جديد، فبدأ دمه الشريف يحكي قصة اليقظة، والحرية، والكرامة، ورفض الإستبداد، والفكر المعوج الذي لا يبني مجتمعاً مستقيماً، إنه كما قال عنه الإمام الغائب موسى الصدر:(على الزعيم السياسي المتدبر أن يرى لليوم، وللغد، ولما بعد الغد، وهذا هو المتوفر في السيد محمد باقر الصدر رضوانه تعالى عليه).
جريمة في القرن العشرين، إرتكبها البعث الفاشي، متوهماً أنه وأد الفكر والفقه، والعفة والتقى، بنهاية حياة محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى، فزبانية البعث المقبور لم يدركوا نتائج الشهادة، التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم، فأمسيا كوكبان دريّان إمتلكا القلوب، والنفوس، والضمائر، فلم يصب جلاوزة البعث إلا البؤس واليأس، لأنهم عجزوا عن محو صورة الشهادة في رحاب الحسين(عليه السلام).
عقود مرت ولم تغادرنا مشاهد إعدام السيد محمد باقر الصدر، وأخته آمنة الصدر، حيث نالهما التعذيب بأبشع الصور، وكانا ينطقان بكبرياء حسيني، وشموخ زينبي:(مع ذلك العالم الكريه ـ البعث ـ لا نريد أن يكون لنا شأن في شيء)، وفي ذمة الخلود حملا المذهب على أكتافهما بإنجذاب عظيم، مؤكدينِ على أن طريق الحق موحش لقلة سالكيه، لكن النصر حليف هؤلاء القلة.
بنفوس غارقة في عمق الإنسانية، كان لدى السيدة بنت الهدى سؤال يتكرر، وكانت الإجابة تتجدد في إستفامها عند معذبيها، هي وأخوها (جك0حرضوانه تعالى عليهما)، لتقول لهم: متى تستقيظ ضمائركم؟ لماذا والى متى هذا الذل الذي تعيشونه؟ لقد كانت الشهيدة بنت الهدى تنظر وتفكر، وتكتب وتنشر، وتعيش الهم الرسالي، لأنها صاحبة خطوة جريئة، ورائدة في التنديد بنظام البعث البائد، وكأخيها الذي طالب بإسقاط هذا النظام الدموي.
(ما قيمة حياة الإنسان، ما لم تكن ساعاته موصولة بالعمل من أجل الله، ولا أريد أن يترك الزمن عليَّ آثاره، بل أنا التي أريد أن أترك عليه أثر، وقد يكون الناس الآن نياماً، لكنهم لن يبقوا نياماً، ولابد للشعب أن يستيقظ من سباته ويهب من نومه، وأن مدَّ البحر الإسلامي الهادر حان وقته) ما أروعها من كلمات! وما أشدها من عزيمة، إنها ملحمة بعمق كربلاء.
https://telegram.me/buratha