سجاد العسكري
لقد استفاد الشهيد محمد باقر الصدر "قدس" من التوقيع الشريف للامام الحجة "عج" (واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فأنهم حجتي عليكم وانا حجة الله) للدلالة على ولاية الفقيه ،بينما كان الفقهاء يستدلون بالتوقيع الشريف للدلالة على صحة وجواز التقليد للمجتهد الجامع للشرائط في الفتاوي الشرعية فقط ؛لكن السيد الشهيد الصدر كان يعتقد الرجوع الى المجتهد في كل القضاية وغير مقتصرة على المسائل الشرعية بل يشمل كل مايهم الامة وخصوصا النظرية السياسية وذلك بقرينة قوله (الحوادث الواقعة).
لذا توصل الشهيد الصدر الى اطروحته (المرجعية الموضوعية) والتي يتصور فيها تركيب القيادة , واجهزتها ,ودورها في الامة ؛فالقيادة هي المرجعية التي تتمتع بقيادة المجتمع الاسلامي في جميع الامور سواء الفتوى , او الامور السياسية والاجتماعية التي لها ارتباط بمفهوم الولاية على الامة في جميع شؤونها , وهي تعتبر مؤسسة واسعة بالاضافة جهازه الخاص من مستشارين وجهاز الاداري التنفيذي للمهام والمسؤوليات والانشطة , اي ان جهاز الخاص والحاشية ..هم مجموعة الوكلاء والمعتمدين والمبلغين , كما انه يرى ارتباط الامة بهذه المجموعة او المؤسسة بالاتصال المباشر بالمرجعية واجهزتها .
فالشهيد الصدر عندما توقف عن العمل السياسي بالرغم من انه كان يشعر بضرورته وفق الاطار الاسلامي المنظم , بطلب من الامام الراحل السيدمحسن الحكيم"قدس" ,هنا حدثت الانتقالة فقد سخر جميع جهوده بشكل عام الى العمل المرجعي من خلال مرجعية السيد الحكيم لبناء حوزة علمية واعية , وتربية نخبة من الطلبة والمبلغين وتنمية قدراتهم للتصدي للواقع المنحرف فتاسست (مدرسة العلوم الاسلامية ) في النجف الاشرف , وهو بهذا يلتزم روحيا وادبيا بما يراه وشخصه المرجع الامام الحكيم"قدس".
كما انه يرى (المرجعية الموضوعية) تمثل هدفا لحركة المرجعية في طريق التكامل , وان الاطار العام لحركتها في الامة ان يكون سياسيا , لأنه امتداد لحركة الانبياء والائمة عليهم السلام وهو مايمثل النظرية الاسلامية في خلافة الانسان , والمرجعية هي هذا الامتداد , لذا كان يؤمن بضرورة توحيد المرجعية وضرورة تكريس قوتها لصالح قضايا الامة , والدفاع عن الاسلام .
فبعد وفاة السيد البروجردي"قدس" اصبح الامام محسن الحكيم "قدس" المرجع العام للشيعة فوقف الشهيد الصدر رضوان الله عليه باصرار واخلاص الى جانب الدعوة لمرجعيته ويعمل على اسنادها , ونفس الموقف عند وفاة الامام الحكيم بالرغم من التفاف المثقفين والناس حوله الا انه اصر وروج لمرجعية السيد الخوئي "قدس" , وكذلك عندما رأى الامام الخميني"قدس" اصبح اماما للمسلمين جميعا , ورمز لثورتهم , وقائدا لمسيرتهم في مواجهة الاستكبار العالمي , فكانت تصريحات الشهيد الصدر طالبا من طلابه ان (يذوبوا في الامام الخميني كما ذاب في الاسلام) ليضع كل طاقاته العلمية والسياسية والاجتماعية تحت تصرف الامام الخميني"قدس" , وهو بهذا العمل يتحمل الاذى والعذاب , ويعرض نفسه الى الاحتجاز والارهاب وكذلك اهل بيته ويصر على موقفه الى يوم شهادته .
فكان الشهيد رضوان الله عليه يرى توحيد المرجعية وكلمتها ودعمها والوقوف معها والتصدي حتى لو كان ذلك يكلف حياته , فالمرجعية من الناحية الواقعية والعملية تؤدي دورها فعلا في حركة الامة , وتحفظها من الانحراف , وتقوم بقيادتها في المواقف الهامة كما يحدث اليوم من تصدي مرجعية الامام السيستاني"دام ظله" لكثير من المسائل وحسمها , وتوجيه وارشاد الحكومة والنخب بالضروريات وتبقى المرجعية هي المحور والبوصلة لكل لمن يريد الخروج من الظلام الى النور لأنها الوحيدة القادرة على قيادة الامة بالشكل الذي يناسب الجميع ويحفظ مصالحها كما يتصور الشهيد الصدر"قدس".
https://telegram.me/buratha