المقالات

حريةُ روسو.. كبحتْ جِماحُها المرجعية


حلا الكناني

 

خُلق الانسان حراً، لا ان يستعبده احدا سوى خالقه، وكي يتمتع بإنسانيته المعهودة، لابدّ ان يكون حر الفكر، لا ان تتحكم في عقله غيلان الجهل، فتصيّره الى آلة ممكننة، لا يستطيع معها منعاً، ولا تحويلاً.

خالف (جان جاك روسو) احد فلاسفة الحرية العرجاء نظام الانسانية، ودعا الى ان يُطلق الانسان عنان شهواته، ويجعلها تعيش ايام زهوتها دونما اي منازع، فآمن به كثير، وعاشوا افكاره السادية، وصاروا حيوانات بأجساد بشرية، لا يقف امام حريتهم الحبيسة سوى الموت، ولّما غزت العقول آيدولوجية الشهوة المفترسة تلك، انتفض بعضٌ من قليل مناهضاً افكارها المريضة، فاستطاعت تلك القلة لبضع من الوقت ان تحررها من سبات خيّم عليها، وصيّرها الى رمادٍ سحيقٍ، تاتي به الريح انى كان مهبّها، وتجيء.

انقضت فترة حكمها، وتعافت الأذهان نسبياً من فايروس البشر المستذئبين، ولكن هذا السيناريو الحيواني ما لبث ان يعود بجزء جديد ، بأحداثٍ غدت اشدّ ضراوة، وشراً من ذي قبل، واطلق عليه هذه المرة ( شبح الانترنت الخفي)، تدور احداثه حول ذلك الشبح الذي يقتل، ويغتصب، ويهتك الاعراض، ويّحرف الحقيقة عن مواضعها، ويقترف كل تلكم الجرائم دون ان يتمكن احدهم من تحديد هويته، فظُلم من ظُلم، وقُتل من قتل، وسالت على جوانب الشرف الرفيع دماءا سُفّكت ظلما، وبهتاناً، وجُمّل القبيح، وقُبّح الجميل، وحورب الشريف، ونُصر العزيز، وأضاع العديد منهم نفسه في دوامة الانتقام، فسادت طقوس شبح الحرية العمياء المجتمع، حتى صارت جزءاً من ثقافته التي غدت مرنة حدّ الإفراط، سابرة الجوانب، بعد ان كان بعضها ضيّقاً كسمّ الخياط، وصار الناس سكارى، وما هم بسكارى، أنما سُكّرت ابصارهم، واسماعهم عن الحق، وغدوا على حردٍ نادمين.

كبُر حجم الأضرار، مما دعا الابرار ان ينهضوا باستئثار، ويُصدروا القرار، ويدعو بالويل لمن كان من الاشرار، الذين يعيثون في الأرض فساداً، فينشروا فيها الدمار، ان لا مُقام لهم، وانهم مُصيبهم لعنة الناس، و العزيز الجبار.

جاءت المرجعية الرشيدة لتضع حدّاً لحرية روسو الهوجاء، وتقصّ لها اجنحتها، وتهذّب منها النفس، وتجعل البشرية في مأمن من شرّها اللعين، فصرّحت ان ليس من النبي وآله في شيء من يختفي وراء كواليس الحواسيب، ويعيش في عوالم شره الافتراضية، ليقتصّ من الشرفاء، ويرمي بالمحصنات، ويروّج للفكر الهدّام، وينشر الوان الفساد، ويدعو الى اتباع الهوى، وترك طريق الحق، فكان تصريحها خير رادعاً لكثير ممن خبُثت سريرته، وسفِه عقله، كانت كما البلسم الذي يُشفي الجروح، ويُبرء العلل، وكما الماء الذي ينبت الجدب، بعد طول انتظار، وأمل، فلولاها لما قامت لمجتمعنا قائمة، ولأُخذنا على حين غرّة، وصارت الأخلاق فينا كصفوان عليه تراب، كلما مرت به ريحاً تركته صلداٌ، لا يُرتجى منه زرعاً، ولا نفعاً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك