علي فضل الله الزبيدي
الدورة البرلمانية الحالية تمييز عملها بالغرابة والإستخفاف، الغرابة بطريقة تشكيل الحكومة والرئاسات الثلاث ، حيث كانت من أسرع الدورات في تحقيق تلك المهمة المعضلة، وضمن السقوف الزمنية الدستورية، على الرغم من عدم إكتمال نصاب الكابينة الوزارية لحد ألان، يضاف إلى ذلك، تغيير خارطة التحالفات السياسية، التي إخذت الطابع الوطني، لتتجاوز المسميات القومية والمذهبية ولو بالحد الأدنى، شكليا" وليس جوهريا"، وبروز قطبين في المعادلة السياسية العراقية هما تحالفي الإصلاح والبناء مع الملاحظ هشاشة التحالفين ، وهذه الغرابة الإيجابية الصورية جاءت بالعكس عن الدورات البرلمانية السابقة، التي تطلبت وقت كبير لحسم هذه الملفات المترابطة، بالإضافة لإقرار الموازنة العامة خلال الفصل التشريعي الأول.
أما موضوعة الإستخفاف فكانت من خلال طريقة تكليف السيد عادل عبد المهدي، في تشكيل الكابينة الوزارية، حيث جاءت طريقة التكليف مخالفة للمادة 76من الدستور العراقي النافذ، التي تسببت بغياب الكتلة البرلمانية الأكبر، مع صمت المحكمة الإتحادية على ذلك الخرق، وأتصور إنها كانت سببا" كافيا" لعدم إكمال الكابينة الوزارية، وبقاء أربع وزارات شاغرة لهذه الساعة، وبقاء اللجان البرلمانية بدون رئاسات لحد هذه اللحظة، والمادة 74 من النظام الدخلي لمجلس النواب، ألزمت إختيار رئيس ونائب ومقرر لكل لجنة خلال ثلاثة أيام من تشكيل اللجان، ورسالة الساسة واضحة،فهي إن دلت.. تدل على عدم إحترام الدستور والقوانين ولا حتى الشعب من قبل الطبقة السياسية ، ويعد ذلك إنعطافة خطيرة في العملية السياسية، ويبدو إننا نسير بإتجاه ميول ورغبات الأحزاب وقادتها وليس الدستور، فهل نحن أمام ولادة نظام سياسي شاذ يمكن تسميته ( دكتاتورية الأحزاب المتعددة)؟.
إن قواعد اللعبة السياسية العراقية، تقبع ألان أمام متنقضات خطيرة، فبينما العراق يعيش ألان في بحبوحة أمن، جاءت بفضل تضحيات الشرفاء من الشهداء والجرحى، ومن وقفة أبطال مختلف صنوف قواتنا المسلحة ورجال الحشد الشعبي، والتي كانت السبب في عودة العراق لموقعه الريادي داخل المنطقة، ليكون قبلة الوفود الرئاسية ومن مختلف دول العالم، ليدخل العراق مرحلة حساسة ومهمة أستطيع أن أسميها( مرحلة تثبيت الإنتصار وتسويقه) عبر المفاوضات السياسية مع تلك الدول، التي هي بمثابة معارك سياسية، إذا لم نحسن التصرف معها قد تكلفنا كثيرا" وقد نفقد لذة الإنتصار على المستوى البعيد، والسبب وراء هذا التوجس، الخلافات السياسية البينية للكتل السياسية المتسيدة للمشهد العراقي، من أجل حطام المصالح والمغانم، للظفر بأكبر عدد من مناصب الدرجات الخاصة .
أمام هذا الإستحقاق، نجد إن هنالك حالة خمول برلماني كبير، فبالإضافة لعدم إكتمال رئاسة اللجان، غياب الدور التشريعي وحتى الرقابي للمجلس، متناسين إن العراق والعملية الديمقراطية، تنتظر تشريع قوانين كثيرة غاية في الأهمية، تعد بمثابة مرتكزات لتحول النظام الديمقرطي، إلى مرحلة التطبيق على أرض الواقع، حيث طال إنتظار المواطن، لتحقيق العدالة الإجتماعية، عبر تحقق رفاهية الفرد العراقي، من حيث المساواة بين الجميع عبر قطاعات الحياة المختلفة، كما وأن الدور الرقابي لمجلس النواب ليس له أثر على واقع العمل الحكومي، أو بالأحرى لا محل له من الإعراب.
يا ساسة العراق وبرلمانييه، لا أقول إنكم ضربتم الدستور عرض الجدار، ولا أتكلم عن إخلالكم بواجبات الوظيفة العامة وإهمالكم للواجبات المناطة لكم عبر الدستور والقوانين، لأنكم أنتم الخصم وأنتم الحكم، بل أذكركم بإن لكم وقفة ولو بعد حين، أمام جبار السموات والأرض، الذي توعد الظالمين بكتابه الكريم (( كلا لينبذن في الحطمة....))، تلك الحطمة التي وصفها الحبيب المصطفى(صلوات ربي عليه وآله) حين عرج به إلى السماء " أوقد على النار ألف سنة حتى أحمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى إبيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أسودت، فهي سوداء مظلمة"، فهل تدركون يا أصحاب السلطة، حجم ما ينتظركم من وقفة سوف تطول أمام القوي العزيز القهار، هنالك توفى كل نفس بما كسبت، والحكم للواحد القهار.. فهل من مدكر؟ قبل فوات الأوان، ولات حين مندم.
https://telegram.me/buratha