(النقاش مع العقول الصغيرة، كالضغط على رأس زجاجة عطر فارغ، مهما إجتهدت في دفعه لا ينتج عطراً، بل يؤلم أصبعك لا أكثر)، مرحلة التشظي التي تعيشها المنطقة العربية، لم تنتج من خلافات داخلية فقط، بل كان اللاعب الدولي فيها أساسياً، فكان قدر شعوبنا أن تذرف ماء بطعم الدموع ومنذ عقود مضت، فهل ستعي السعودية بأن نصف راحتها، هو في عدم التدخل في شؤون المنطقة، إلا بما يخدم أمنها وإستقرارها فعلاً وتبدو وكأنها زجاجة عطر فارغة؟! الزيارة التي يقوم بها الريئس العراقي عادل عبد المهدي، الى المملكة العربية السعودية، يجب أن تأتي في سياق تفهم الثانية لدورها، بأن مرحلة الاتفاقات العربية، يجب أن تكون بعيدة عن الضغوطات الدولية، وأن تكون لصالح شعوب المنطقة، فمثل ما يربط السعودية بالعراق: الدين، واللغة، والحضارة الضاربة في جذور التأريخ، والمصالح المشتركة، ومع هذا نشاهد بعض دعاة للسعودية، تؤيد الإرهاب الداعشي ولأسباب واهية! فهل ستكون مذكرات التفاهم الموقعة، متفاهم عليها من الجذور أيضاً، لتزهر لصالح البلدين؟ مرحلة عربية وإقليمية ملتهبة، مفتوحة الجبهات يتنافس فيها الجميع بخطر، فتتداخل تارة، وبحذر تتقاطع تارة أخرى، وكلها على أرض العراق، وبالتالي فالحكومة العراقية مطالبة وبهذه الزيارات، أن يكون الأمن العامل المهم بحرصها على تحقيقه لنا، فأبجديات التعاون بين العراق والمملكة، مفترض إنطلاقها من مصلحة الشعبين، والمنطقة عربياً وإقليمياً، ولنبتعد عن الضغط الدولي والتصعيد بالنيابة، لأن دول المنطقة هي مَنْ تدفع الثمن، وعليه يجب أن تمتلأ زجاجة العطر السعودي بالحكمة والتدبر، وإعادة النظر بسياستها تجاه الشعوب. قد ينتبه المتابع لسير العلاقات العراقية السعودية، أنها مرت بمرحلة توتر طويلة، بسبب المواقف السعودية، من القضايا الساخنة في المنطقة، لكن هذه الزيارة بمستواها الحكومي الرسمي، وعدد أعضاء الوفد المرافق للرئيس عبد المهدي، إنما يعكس تفاؤل الشعب العراقي بمستقبل مشرق، لتحقيق تطلعاته في الأمن والإزدهار، فتعزيز التعاون السياسي، أو الإقتصادي، أو التعليمي، أو الزراعي، أو التجاري، إنما يجب أن يملأ عطراً عربياً مشتركاً، يحمل إسم العراق والسعودية، لا أن تكون حلماً بضم العراق لناتو عربي! النقاش مع العقول الصغيرة كالأحمق ترامب، الذي دفع ويدفع وسيدفع بالسعودية، نحو مزيد من الصراعات في المنطقة أمر مثير للشفقة، بحيث أن ترامب رفض ما أقره الكونغرس الأمريكي، بشأن وقف الدعم المالي للسعودية في حربها ضد اليمن، وعليه يجب التفقه بأن السعودية لن تستقر، ما لم تعمل على إستقرار المنطقة المحيطة بها، بدل أن تغلي منذ عشرات السنين، وأن تفتح آفاقاً جديدة للعلاقات مع شعوب المنطقة، بدلاً من نضغط على رأس ملكها وهو فارغ ليؤلمنا فقط!
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha