المقالات

وليمةٌ طوطميةٌ..وبطونٌ ليس لها من شبع

2318 2019-04-21

حلا الكناني

 

يعّد مصطلح (الطوطم) من المصطلحات النفسية التي جاء بها أحد علماء النفس البارزين، وهو العالم سيغموند فرويد صاحب النظرية الاكثر رواجاً وتقبّلاً في الأوساط النفسية، والتي عُرفت بنظرية التحليل النفسي، حاول من خلالها ان يعتمد العديد من المعطيات في تفسيره للنفس البشرية، وتمثل الرغبات الجنسية والعدوانية إحدى أهم تلك المعطيات.

يشير (الطوطم) الى الأب ذي النفوذ الكبير، او الشيء المقدّس الذي لايمكن لأحد المساس به، وقد استقى فرويد ذلك المفهوم من إحدى الاساطير التي تحكي ان هنالك قبيلةً كان يحكمها الأب الأكبر لها، وتنصّ قوانين ذلك الأب انه لايحقّ لأي من ذكور تلك القبيلة الزواج بنسائها، أو الاقتراب من إحداهن، لأنهنّ يعدّنّ ملكاً مرهوناً به فحسب، وعلى كل الذكور إطاعة اوامره وإن كانوا باغضين، وفي إحدى الأيام طفح كيل هؤلاء الذكور، وضاقوا ذرعاً بتصرفات ذلك الأب، فقرروا أن يقتلوه، ولم يكتفوا بذلك، بل راحوا يلتهمون أشلائه وليمةً، ليشفوا غيض صدورهم، ولكن بعد قتلهم إياه، وعصيانهم لكل مانصّ به قانونه الذي شرعّه قبل مقتله، شعروا بحزنٍ شديد، وبتأنيب ضمير، وألم لم يألفوه من ذي قبل ، لأنهم أدركوا أنهم فقدوا مصدر نفوذهم وقوتهّم، وتجاوزوا لحدودٍ ماكان لهم في يوم أن يتجاوزوها، وكان نتيجة ندمهم أن عادوا وشرّعوا ذات القوانين التي شرّعها أباهم، فعادوا الى ذات المسألة في تحريم النساء على الرجال من ذات القبيلة، وإباحة ذلك لمن كانوا من خارجها، ومن هنا أشار فرويد الى كيفية نشأة الأخلاق في المجتمعات، وكيف أننا كبشر غالباً ما نقتل، ونلتهم (طوطمنا) إرضاءاً لشهواتنا، ونزعاتنا الجامحة، وقد نظلّ عاكفين على ذلك، غير مدركين لعواقب الأمور.

ترى هل صان بعض الساسّة العراقيين طوطمهم؟ ام انتهكوا الحرمات، ومارسوا طقوس الفساد، و جاسوا خلال البلاد؟ بل فعل هؤلاء شرّ من ذلك، فانتهكوا كل حرمةٍ لأرض السواد، فتلك الطاهرة التي تعّد أمّاً للجميع قُتلت في ليلةٍ ظلماءَ موحشة يتيمة البدر، وبعد مقتلها شرع هؤلاء بالتهامها وليمةً كبرى، لكنهم تخاصموا فيها أيّهم يأخذ الجزء الأكبر، فشبّ النزاع بينهم، ومازال قائماً الى يوم يبعثون ، ووصل المطاف بهم إلى إنهم راحوا يلتهمون بعضهم بعضاً، كي يظفروا بمزيدٍ من الغنائم، وكان الفرق بينهم وبين القوم الذين انتهكوا حرمة أبيهم، أن أولئك ندموا، وهؤلاء مازالوا ماضين بغيّهم بدمٍ باردٍ، فغدت أرض العراق وليمةً طوطميةً يُقيمها كل يوم الذين لم يكتفوا بالمنّ والسلوى، وطمعوا بالمزيد ، فتاهوا في صحراء الباطل عن الحق، وغاب عنهمُ الدليل، وعموا وصمّوا، ثمّ عموا وصمّوا، وصاروا من الخاسرين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك