شذا الموسوي
نأتي الى هذه الدنيا بغير اختيارنا..عراة خائفين ..صارخين وباكين .. لا نختار اباءنا ولا اسماءنا..لا اوطاننا ولا ادياننا ...ونعيش فيها ونكبر راضين او غير راضين..نتقبل اقدارنا او نسخط عليها.. لكننا في كل الاحوال نمضي..ونحاول ان نتصالح مع حيواتنا بحلوها ومرها ..ثم نمضي..حتى تأتي ساعة اجالنا فتختطفنا ايضا بغير اختيارنا..ونختم رحلتنا دون ان ندري هل كانت تلك الرحلة تستحق العناء...الا ثلة منا، ذوي حظ عظيم..صنعوا اقدارهم ثم مشوا فيها.. واختاروا ميتتهم وهم يعقلون .. فحق على الله ان يرفعهم في عليين..ويسميهم شهداء مكرمين.
فاذا اخترت الشهادة، فلن تجد عناءا في العثور على طريقها، خصوصا اذا كنت من شعوب الشرق الاوسط، فليس عليك الا ان تنصر مظلوما، وتقارع ظالما، وترفض فسادا،وتؤشر على جريمة، ولاتحني رأسك لاحد، عندذاك ستجد نفسك تسبح ضد التيار، حتى تتعب وتخور قواك فيغرقك بقسوته، فتنال مبتغاك. اما ان شاء الله ان تكون من اقلية مغلوبة على امرها في مملكة يحكمها حاكم اخرق، فطريقك اقصر و اهون بكثير..فما عليك الا ان تجاهر بكونك رافضيا ليحكم عليك بانك صفوي ارهابي، ويقطع عنقك بالسيف بلمح البصر. نعم تلك هي جريرة هذه الكوكبة الطاهرة التي ازهقت ارواحها ظلما وعدوانا فصعدت الى بارئها تشكو ظلم بني جلدتها ، وصمت العالم الذي يدعي الحرية وحماية حقوق الانسان، فيتداعى بالصراخ والعويل والشجب والاستنكار اذا نفذت عقوبة الاعدام بارهابي تسبب بقتل عشرات الابرياء و النساء والاطفال، لكنه يغمض عينيه اذا كان المقتول مستضعفا في دولة نفطية ترش شعبها بالدم وتشتري ضمير العالم بالورق الاخضر.
ما الفرق بين ازهاق الارواح بحزام ناسف او سيارة مفخخة وبين ان تقوم حكومة بقتل جماعي لناشطين عزل طالبوا بحقوق مدنية هي اقل ما يستحقونه كمواطنين في دولة تحرم مواطنيها من ممارسة اعمال يومية بديهية كسياقة السيارة للنساء او انشاء احزاب سياسية او منظمات حقوقية او تجمعات فكرية ..بل وفوق ذلك ، فقد عرفت شبابا سعوديين لا يعرفون تاريخ ولادة النبي، ويجهلون التأريخ الاسلامي في معظمه، فلم يسمعوا بواقعة الطف، ولا بقتل الامام علي على يد ابن ملجم، ولا حتى بقتل خلفاء بني امية وبني العباس لبعضهم البعض، ناهيك عن قتلهم لعترة النبي صلوات الله عليه واله، فالعالم بالنسبة اليهم ترسمه لهم ايادي بني سعود، والتاريخ هو ما تسطره اقلامهم، ولا يسمعون الا ما يريدونه لهم، ولا يفكرون الا بما يسمحون به لهم.
اكثر ما تخشاه المنظومة الوهابية هو سحر العقيدة الحسينية وما تشيعه في النفس من عشق للكرامة واباء الضيم والزهد في ملذات الحياة والذوبان في ذات الله حتى الشهادة، لذلك تسعى بكل قوتها لوأد اي نشاط انساني يرتبط بهذه الفكرة الساحرة، لان هذه الفكرة يمكنها ان تهز كراسيهم المصنوعة من ورق وعيدان الكبريت، يمكن لاي شرارة ضمير ان تحرقها، لكن ما تغفل عنه ان عطر العقيدة الحسينية ينساب مع الهواء، لا توقفه الحدود، ولا اجهزة التشويش،ولا جدران الزنازين.
لا اريد ان ابكي على شهداء القطيف، ولا ان ازغرد في زفاف ارواحهم الطاهرة الى جنان الخلود، لكني سابقى منتظرة، لارى فعل الدم الطاهر بعروش من ساقهم الى حتفهم، واردد بيني وبين نفسي ..ياحكام ال سعود، الم تعلموا ان القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة!!!!
https://telegram.me/buratha
